قال الواقدي : ومضى المسلمون ونزلوا وادي القرى(١) فأقاموا به أياما وساروا حتى نزلوا بمؤته ، وبلغهم أن هرقل ملك الروم قد نزل ماء من مياه البلقاء في بكرو بهراء(٢) ولخم وجذام وغيرهم مائة ألف مقاتل ، وعليهم رجل من بلي ، فأقام المسلمون ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا : نكتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فنخبره الخبر ، فإما أن يردنا أو يزيدنا رجلا ، فبينا الناس على ذلك إذجاءهم عبدالله بن رواحة فشجعهم وقال : والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة عدد(٣) ، ولا كثرة سلاح ولا كثرة خيل إلا بهذا الدين الذي اكرمنا الله به ، انطلقوا فقاتلوا فقدوالله رأيتنا(٤) يوم بدرما معنا إلا فرسان ، إنما هي إحدى الحسنين : إما الظهور عليهم فذاك ما وعدنا الله ورسوله وليس لوعده خلف ، وإما الشهادة فنحلق بالاخوان نرافقهم في الجنان فشجع الناس على قول ابن رواحة.
قال : وروى أبوهريرة قال : شهدت مؤتة ، فلما رأينا المشركين رأينا ما لا قبل لنا به من العدد والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب ، وفبرق بصري فقال لي ثابت بن أقرم(٥) : مالك يا باهريرة؟ كأنك ترى جموعا كثيرة؟ قلت : نعم قال : لم تشهدنا ببدر ، إنا لم ننصر بالكثرة.
قال : الواقدي : فالتقى القوم فأخذ اللواء زيد بن حارثة فقاتل حتى قتل ، طهنوه بالرماح ، ثم أخذه جعفر فنزل عن فرس له شقراء فعرقبها فقاتل حتى قتل ، قيل : إنه ضربه رجل من الروم فقطعه نصفين فوقع أحد نصفيه في كرم هناك ، فوجد فيه ثلاثون أو بضع وثلاثون جرحا.
قال : وقد روى نافع ، عن ابن عمر أنه وجد في بدن جعفر بن أبي طالب اثنتان وسبعون ضربة وطعنة بالسيوف والرماح.
____________________
(١) في المصدر : فنزلوا وادى القرى.
(٢) بهراء : بطن من قضاعة من قضاعة القحطانية ، وهم بنو بهراء بن عمروبن الحافى بن قضاعة وترجمنا قبل ذلك سائر القبائل.
(٣) في المصدر : بكثرة عدة. (٤) في المصدر : راينا.
(٥) في المصدر : ( ثابت بن ارقم ) وهومن تصحيف الطابع.