في كل حال وممكنة إصابتها في كل زمان وجب مثل ذلك في قول العترة المقرون بها ، والمحكوم له بمثل حكمها ، وهذا لا يتم إلا بأن يكون فيها في كل حال من قوله حجة ، لان إجماعها على الامور ليس بواجب على ما بيناه ، والرجوع(١) إليهما مع الاختلاف وفقد المعصوم لا يصح ، فلابد مما ذكرناه.
وأما الاخبار الثلاثة التي أوردها على سبيل المعارضة للخبر الذي تعلقنا به فأول ما فيها أنها لا تجري مجرى خبرنا في القوة والصحة ، لان خبرنا مما نقله المختلفون ، وسلمه المتنازعون ، وتلقته الامة بالقبول ، وإنما وقع اختلافهم في تأويله ، والاخبار التي عارض بها لا يجري هذا المجرى ، لانها مما تفرد المخالف بنقله ، وليس فيها إلا ما إذا كشفت عن أصله وفتشت عن سنده ظهر لك انحراف من راويه ، وعصبية من مدعيه ، وقد بينا فيما تقدم سقوط المعارضة بما يجري هذا المجرى من الاخبار.
فأما ما رواه من قوله : « اقتدوا بالذين من بعدي » فقد تقدم الكلام عليه عند معارضته بهذا الخبر استدلالنا بخبر الغدير واستقصيناه هناك فلا معنى لاعادته(٢).
____________________
(١) في المصدر : والرجوع اليها.
(٢) فذكر بعد بيان ان هذا الخبر لا يدانى خبر الغدير لانه من الاخبار الاحاد ، و خبر الغدير من الاخبار المتواترة ، ومما اجمعت الامة على قبوله وجوها في تضعيفه وعدم دلالته ، منها ان راوى الخبر عبدالملك بن عمير وهو من شيع بنى امية وممن تولى القضاء لهم وكان شديد النصب والانحراف عن اهل البيت ظنينا في نفسه وامانته ، وروى انه كان يمر على اصحاب الحسين عليهالسلام وهم جرحى فيجهز عليهم فلما عوتب قال : اريد ان اريحهم ومنها ان الامر بالرجلين يستحيل لانهما مختلفان في كثير من احكامهما وافعالهما ، والاقتداء بالمختلفين والاتباع لهما متعذر غير ممكن ، ومنها ان ذلك يقتضى عصمتهما وليس هذا بقول لاحد فيهما ، ومنها انه لو كان ثابتا لاحتج به أبوبكر لنفسه في السقيفة ولما يعدل إلى رواية ان الائمة من قريش ، ولاحتج به أيضا على طلحة لما نازعه على نصبه لعمر ، ولما احتج بقوله : اقول : يا رب وليت عليهم خير اهلك ، وأيضا لو كان الخبر صحيحا لكان حاظرا مخالفة الرجلين وموجبا لموافقتهما في جميع اقوالهما وافعالهما مع ان كثيرا من الصحابة قد خالفهما في كثير من احكامهما ، وكان يجب ان ينبها المخالفين على مقتضى هذا الخبر ان مخالفتهما محظورو.