الائمة الصادقين ، ولذلك قال أبوجعفر عليهالسلام : إن أداء الصلاة والزكاة والصوم والحج من الامانة ، ويكون من جملتها الامر لولاة الامر بقسمة الغنائم والصدقات وغير ذلك مما يتعلق به حق الرعية.
وثالثها : أنه خطاب النبي صلىاللهعليهوآله برد مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة حين قبض منه يوم الفتح ، وأراد أن يدفعه إلى العباس ، والمعول على ما تقدم.
« وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل » أمر الله الولاة والحكام أن يحكموا بالعدل والنصفة « إن الله نعما يعظكم به » أي نعم الشئ ما يعظكم به من الامر برد الامانة والحكم بالعدل(١).
وقال البيضاوي في قوله عز شأنه : « إنا عرضنا الامانة » تقرير للوعد السابق بتعظيم الطاعة ، أي في قوله : « ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما(٢) » و سماها أمانة من حيث أنها واجبة الاداء ، والمعنى أنها لعظمة شأنها بحيث لو عرضت على هذه الاجرام العظام فكانت ذات شعور وإدراك لابين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان مع ضعف بنيته ورخاوة قوته ، لا جرم فاز الراعي لها والقائم بحقوقه بخير الدارين « إنه كان ظلوما » حيث لم يف بها ولم يراع حقوقها « جهولا » بكنه عاقبتها ، وهذا وصف للجنس باعتبار الاغلب. وقيل : المراد بالامانة الطاعة التي تعم الطبيعية والاختيارية ، وبعرضها استدهاؤها الذي يعم طلب الفعل من المختار وإرادة صدوره من غيره ، وبحملها الخيانة فيها والامتناع عن أدائها ، ومنه قولهم : حامل الامانة ومحتملها ، لمن لا يؤديها ، فتبرأ ذمته ، فيكون الاباء عنه إتيانا بما يمكن أن يتأتى منه ، والظلم والجهالة : الخيانة والتقصير.
وقيل : إنه تعالى لما خلق هذه الاجرام خلق فيها فهما ، وقال : إني فرضت فريضة وخلقت لمن أطاعني ، ونارا لمن عصاني ، فقلن : نحن مسخرات لما خلقتنا ، لا نحتمل فريضة ولا نبتغي ثوابا ولا عقابا ، ولما خلق آدم عرض عليه
____________________
(١) مجمع البيان ٣ : ٦٣.
(٢) الاحزاب : ٧١.