تفسير : قال الطبرسي في قوله تعالى : « وكذلك جعلناكم امة وسطا » الوسط العدل ، وقيل : الخيار ، قال صاحب العين : الوسط من كل شئ أعدله وأفضله ، و متى قيل : إذا كان في الامة من ليست(١) هذه صفته فكيف وصف جماعتهم بذلك؟ فالجواب أن المراد به من كان بتلك الصفة لان كل عصر لا يخلو من جماعة هذه صفتهم. وروى بريد عن الباقر عليهالسلام قال : نحن الامة الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في أرضه.
وفي رواية اخرى : قال عليهالسلام : إلينا يرجع الغالي ، وبنا يلحق المقصر. وروى الحاكم أبوالقاسم الحسكاني ، في كتاب شواهد التنزيل باسناده عن سليم بن قيس عن علي عليهالسلام إن الله تعالى ، إيانا عنى بقوله : « لتكونوا شهداء على الناس » فرسول الله شاهد علينا. ونحن شهداء الله على خلقه ، وحجته في أرضه ، و نحن الذين قال الله : « وكذلك جعلناكم امة وسطا ».
وقوله : « لتكونوا شهداء على الناس » فيه ثلاثة أقوال : أحدها لتشهدوا على الناس بأعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا والآخرة كما قال : « وجيئ بالنبيين والشهداء(٢) ».
والثاني : لتكونوا حجة على الناس فتبينوا لهم الحق والدين ويكون الرسول شهيدا عليكم مؤديا للذين إليكم.
والثالث : أنهم يشهدون للانبياء على اممهم المكذبين لهم بأنهم قد بلغوا ، و قوله : « ويكون الرسول عليكم شهيدا » أي شاهدا عليكم بما يكون من أعمالكم وقيل : حجة عليكم ، وقيل : شهيدا لكم بأنكم قد صدقتم يوم القيامة فيما تشهدون به ، ويكون « على » بمعنى اللام كقوله : « وما ذبح على النصب(٣) » أي للنصب(٤).
____________________
(١) في المصدر : من ليس.
(٢) الزمر : ٧.
(٣) المائدة : ٣.
(٤) مجمع البيان ٢ : ٢٢٤ و ٢٢٥.