فأدار الناس أمر الامامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها ، فدخلت على سيدي ومولاي الرضا عليهالسلام فأعلمته ما خاض الناس فيه ، فتبسم ثم قال : ياعبدالعزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم ، إن الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه صلىاللهعليهوآله حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا ، فقال عزوجل : « ما فرطنا في الكتاب من شئ(١) » وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره صلىاللهعليهوآله : « اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا » (٢) فأمر الامامة من تمام الدين(٣) ، ولم يمض عليهالسلام حتى بين لامته معالم دينه(٤) وأوضح لهم سبله(٥) وتركهم على قصد الحق(٦) وأقام لهم عليا عليهالسلام علما وأماما وما ترك(٧) شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه.
فمن زعم أن الله غزوجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عزوجل ، ومن رد كتاب الله فهو كافر ، هل يعرفون(٨) قدر الامامة ومحلها من الامة؟ فيجوز فيها اختيارهم إن الامامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا(٩) وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم.
إن الامامة خص الله عزوجل بها إبراهيم الخليل عليهالسلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشاد بها(١٠) ذكره فقال عزوجل : « إني جاعلك للناس
____________________
(١) الانعام : ٣٨.
(٢) المائده : ٥.
(٣) في الاكمال : فامر الامامة من كمال الدين واتمام النعمة.
(٤) في الاكمال والامالى والمعانى والغيبة : معالم دينهم.
(٥) في الاكمال والغيبة : [ سبيلهم ] وفى المعانى والتحف : سبلهم.
(٦) في المعانى : على قصد سبيل الحق.
(٧) في الاكمال ، ولم يترك :
(٨) في المعانى والغيبة : تعرفون.
(٩) في الاكمال : واوسع جانبا.
(١٠) اى رفع بها ذكره وشهره بها.