يكون إلا هكذا ولم نجد جنسا في العالم أشهر من جنس محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو جنس العرب الذي منه صاحب الملة والدعوة الذي ينادى باسمه في كل يوم وليلة خمس مرات على الصوامع في المساجد في جميع الاماكن : « أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله » ووصل(١) دعوته إلى كل بر وفاجر من عالم وجاهل معروف غير منكر في كل يوم وليلة فلم يجز أن يكون الدليل إلا في أشهر الاجناس.
ولما لم يجز أن يكون إلا في هذا الجنس لشهرته لم يجز إلا أن يكون في هذه القبيلة التي منها صاحب الملة دون سائر القبائل من العرب ، ولما لم يجز إلا أن يكون في هذه القبيلة التي منها صاحب الدعوة لاتصالها بالملة لم يجز إلا أن يكون في هذا البيت الذي هو بيت النبي (ص) لقرب نسبه من النبي صلىاللهعليهوآله إشارة إليه دون غيره من أهل بيته.
ثم إن لم يكن إشارة إليه اشترك أهل هذا البيت وادعيت فيه ، فإذا وقعت الدعوة فيه وقع الاختلاف والفساد بينهم ، ولا يجوز إلا أن يكون من النبي صلىاللهعليهوآله إشارة إلى رجل من أهل بيته دون غيره لئلا يختلف فيه أهل هذا البيت أنه أفضلهم وأعلمهم وأصلحهم لذلك الامر.
وأما الاربعة التي في نعت نفسه فأن يكون(٢) أعلم الخلق ، وأسخى الخلق وأشجع الخلق ، وأعف الخلق وأعصمهم من الذنوب صغيرها وكبيرها لم تصبه فترة ولا جاهلية ، ولابد من أن يكون في كل زمان قائم بهذه الصفة إلى أن تقوم الساعة.
فقال عبدالله بن يزيد الاباضي وكان حاضرا : من أين زعمت ياهشام أنه لابد أن يكون أعلم الخلق؟ قال : إن لم يكن عالما يؤمن أن ينقلب شرائعه وأحكامه فيقطع من يجب عليه الحد ، ويحد من يجب عليه القطع ، وتصديق ذلك قول الله عزوجل : « أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف
____________________
(١) في نسخة : ووصلت.
(٢) في نسخة : فانه يكون.