وإذا وجب أنه لابد من مخبر صادق وجب أن لا يجوز عليه الكذب تعمدا ولا الغلط فيما يخبر به عن مراد الله عزوجل في كتابه وعن مراد رسول الله صلىاللهعليهوآله في أخباره وسنته ، إذا وجب ذلك وجب أنه معصوم.
ومما يؤكد هذا الدليل أنه لا يجوز عند مخالفينا أن يكون الله عزوجل أنزل القرآن على أهل عصر النبي صلىاللهعليهوآله ولا نبي فيهم ويتعبدهم بالعمل بما فيه على حقه وصدقه فإذا لم يجز أن ينزل القرآن على قوم ولا ناطق به ولا معبر عنه ولا مفسر لما استعجم منه ولا مبين لوجوهه فكذلك لا يجوز أن نتعبد نحن به إلا ومعه من يقوم فينا مقام النبي صلىاللهعليهوآله في قومه وأهل عصره في التبيين لناسخه ومنسوخه وخاصه وعامه والمعاني التي عناها الله عزوجل بكلامه ، دون ما يحتمله التأويل ، كما كان النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم مبينا لذلك كله لاهل عصره ، ولابد من ذلك ما لزموا المعقول والدين.
فان قال قائل : إن المؤدي إلينا ما نحتاج إلى علمه من متشابه القرآن ومن معانيه التي عناها الله دون ما يحتمله ألفاظه هو الامة ، أكذبه(١) اختلاف الامة و شهادتها بأجمعها على أنفسها في كثير من آي القرآن لجهلهم بمعناه الذي عناه الله عزوجل وفي ذلك بيان أن الامة ليست هي المؤدية عن الله عزوجل ببيان القرآن ، وإنها ليست تقوم في ذلك مقام النبي صلىاللهعليهوآله.
فإن تجاسر متجاسر فقال : قد كان يجوز أن ينزل القرآن على أهل عصر النبي صلىاللهعليهوآله ولا يكون معه نبي ويتعبدهم بما فيه مع احتماله للتأويل. قيل له : هب ذلك كله قد وقع من الخلاف في معانيه ما قد وقع في هذا الوقت ما الذي كانوا يصنعون؟
فإن قال : ما قد صنعوا الساعة.
قيل : الذي فعلوه الساعة أخذ كل فرقة من الامة جانبا من التأويل وعمله
____________________
(١) قوله : هو الامة خبر لان وقوله : اكذبه جواب لان.