يقرأ ما فيه ويأمر أن يبحثوا ويرتادوا ويعمل كل فرقة بما ترى أنه في الكتاب ، فإن أجزت ذلك أجزت على الله عزوجل العبث ، لان ذلك صفة العابث.
ويلزمك أن تجيز على كل من نظر بعقله في شئ واستحسن أمرا من الدين أن يعتقده ، لانه سواء أباحهم أن يعملوا في أصول الحلال والحرام وفروعهما بأرائهم وأباحهم أن ينظروا بعقولهم في اصول الدين كله وفروعه من توحيد وغيره ، وأن يعملوا أيضا بما استحسنوه وكان عندهم حقا ، فإن أجزت ذلك أجزت على الله عزوجل أن يبيح الخلق أن يشهدوا عليه أنه ثاني اثنين ، وأن يعتقدوا الدهر ، وجحدوا الباري عزوجل.
وهذا آخر ما في هذا الكلام ، لان من أجاز أن يتعبدنا الله عزوجل بالكتاب على احتمال التأويل(١) ولا مخبر صادق لنا عن معانيه لزمه أن يجيز على أهل عصر النبي صلىاللهعليهوآله مثل ذلك.
فاذا أجاز مثل ذلك لزمه أن يبيح الله عزوجل كل فرقة العمل بما رأت وتأولت لانه لا يكون لهم غير ذلك إذا لم يكن معهم حجة في أن هذا التأويل أصح من هذا التأويل ، وإذا أباح ذلك أباح متبعيهم ممن لا يعرف اللغة ، فإذا أباح اولئك أيضا لزمه أن يبيحنا في هذا العصر ، وإذا أباحنا ذلك في الكتاب لزمه أن يبيحنا ذلك في اصول الحلال والحرام ومقاييس العقول ، وذلك خروج من الدين كله.
وإذا وجب بما قدمنا ذكره أنه لابد من مترجم عن القرآن وأخبار النبي صلىاللهعليهوآله وجب أن يكون معصوما ليجب القبول منه.
وإذا وجب أن يكون معصوما بطل أن يكون هو الامة لما بينا من اختلافها في تأويل القرآن والاخبار وتنازعها في ذلك ومن إكفار بعضها بعضا ، وإذا ثبت ذلك وجب أن يكون المعصوم هو الواحد الذي ذكرناه وهو الامام؟ وقد دللنا على أن الامام لا يكون إلا معصوما ، وأدينا أنه إذا وجبت العصمة في الامام لم يكن بد من أن ينص
____________________
(١) في المصدر : على احتماله التأويل.