فكان الوقوف عليه والعلم به وكشف حجابه بعد السنين المتطاولة والاحوال المجرمة(١) والادوار المكررة من كرامات الامام موسى عليهالسلام ومعجزاته ولتصح نسبة العصمة إليه ، وتصدق على آبائه البررة الكرام وتزول الشبهة التي عرضت من ظاهر هذا الكلام.
وتقريره أن الانبياء والائمة عليهمالسلام تكون أوقاتهم مشغولة بالله تعالى ، وقلوبهم مملوة به وخواطرهم متعلقة بالملا الاعلى ، وهم أبدا في المراقبة كما قال عليهالسلام : « اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ».
فهم أبدا متوجهون إليه ومقبلون بكلهم عليه ، فمتى انحطوا عن تلك الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح وغيره من المباحات عدوه ذنبا واعتقدوه خطيئة ، واستغفروا منه.
ألا ترى أن بعض عبيد أبناء الدنيا لو قعد وأكل وشرب ونكح وهو يعلم أنه بمرئى من سيده ومسمع لكان ملوما عند الناس ومقصرا فيما يجب عليه من خدمة سيده ومالكه؟ فما ظنك بسيد السادات وملك الاملاك(٢)؟ وإلى هذا أشار عليهالسلام : إنه ليغان(٣) على قلبي وإني لاستغفر بالنهار سبعين مرة « ولفظة السبعين إنما هي
____________________
(١) عام مجرم اى تام.
(٢) في نسخة : ومالك الملاك.
(٣) قال الطريحى : في الخبر انه ليغان على قلبى فاستغفر الله في
اليوم والليلة مائة
مرة قال البيضاوى في شرح المصابيح : الغين لغة
في الغيم وغان على قلبى كذا اى غطاه قال
ابوعبيدة في معنى الحديث : اى يتغشى قلبى ما
يلبسه ، وقد بلغنا عن الاصمعى انه سئل عن
هذا الحديث فقال للسائل : عن قلب من يروى هذا؟
فقال : عن قلب النبى صلىاللهعليهوآله
فقال لو كان
عن غير النبى صلىاللهعليهوآله
لكنت افسره لك ، قال القاضى : ولله در الاصمعى في انتهاجه منهج الادب
إلى ان قال : نحن بالنور المقتبس من مشكاتهم
نذهب ونقول : لما كان قلب النبى صلىاللهعليهوآله
اتم
القلوب صفاء واكثرها ضياء واعرفها عرفا وكان صلىاللهعليهوآله مبيناه مع ذلك
لشرائع الملة وتأسيس