« ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئا (١) » فهذا ينتقص منه جميع الارواح ، وليس من الذي يخرج من دين الله ، لان الله الفاعل ذلك به رده إلى أرذل عمره فهو لا يعرف للصلاة وقتا ، ولا يستطيع التهجد بالليل ، ولا الصيام بالنهار ، ولا القيام في صف مع الناس(٢).
فهذا نقصان من روح الايمان ، فليس يضره شئ إنشاء الله وينتقص منه روح القوة فلا يستطيع جهاد عدوه ولا يستطيع طلب المعيشة ، وينتقص منه روح الشهوة فلو مرت به أصبح بنات آدم لم يحن إليها(٣) ولم يقم ، ويبقى روح البدن فهو يدب ويدرج حتى يأتيه ملك الموت ، فهذا حال خير ، لان الله فعل ذلك به ، وقد تأتي عليه حالات في قوته وشبابه يهم بالخطيئة فتشجعه روح القوة وتزين له روح الشهوة وتقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة ، فإذا مسها انتقص من الايمان ، ونقصانه من الايمان ليس بعائد فيه أبدا أو يتوب(٤) ، فإن تاب وعرف الولاية تاب الله عليه ، وإن عاد وهو تارك الولاية أدخله الله نار جهنم.
وأما أصحاب المشئمة فهم اليهود والنصارى ، قول الله تعالى : « الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم » في منازلهم « وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك » الرسول من الله إليهم بالحق « فلا تكونن من الممترين(٥) » فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك الذم فسلبهم روح الايمان وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح : روح القوة وروح الشهوة وروح البدن ، ثم أضافهم إلى الانعام فقال « إن هم إلا كالانعام بل هم أضل سبيلا(٦) » لان الدابة إنما تحمل بروح القوة
____________________
(١) النحل : ٧٠.
(٢) في المصدر : في صف من الناس. (٣) صبح : كان وضيئا لامعا.حن إليه : اشتاق.
(٤) اى الا ان يتوب.
(٥) البقرة : ١٤٦ و ١٤٧.
(٦) الفرقان : ٤٤.