الملائكة إلى غير النبي ، مع أنه لا يجوز ذلك ، فأجاب عنه بالمعارضة بمدلول الاية التي لا مرد لها.
وقوله عليهالسلام : وأهل الارض ، جملة حالية ، قوله : فهل لهم بد ، لعله مؤيد للدليل السابق بأنه كما أنه لابد من مؤيد ينزل إليه في ليلة القدر ، فكذلك لابد من سيد يتحاكم العباد إليه ، فإن العقل يحكم بأن الفساد والنزاع بين الخلق لا يرتفع إلا به ، فهذا مؤيد لنزول الملائكة والروح على رجل ليعلم ما يفصل به بين العباد ويحتمل أن يكون استيناف دليل آخر على وجود الامام.
فإن قالوا : فإن الخليفة التي في كل عصر هو حكمهم ، بالتحريك ، فقل : إذا لم يكن الخليفة مؤيدا معصوما محفوظا من الخطاء فكيف يخرجه الله ويخرج به عباده من الظلمات إلى النور؟ وقد قال سبحانه : « الله ولي الذين آمنوا(١) » الاية.
والحاصل أن من لم يكن عالما بجميع الاحكام وكان ممن يجوز عليه الخطاء فهوا أيضا محتاج إلى خليفة آخر لرفع جهله والنزاع الناشي بينه وبين غيره.
وأقول : يمكن أن يكون الاستدلال بالاية من جهة أنه تعالى نسب إخراج المؤمنين من ظلمات الجهل والكفر إلى نور العلم إلى نفسه ، فلابد من أن يكون من يهديهم منصوبا من قبل الله تعالى مؤيدا من عنده ، والمنصوب من قبل الناس طاغوت يخرجهم من النور إلى الظلمات ، لعمري ، بالفتح قسم بالحياة ، إلا وهو مؤيد ، لقوله تعالى : « يخرجهم » (٢) ولما مر أنه لو لم يكن كذلك كان محتاجا إلى إمام آخر كذلك ، لابد من وال : أي من يلي الامر ويتلقاه من الملائكة والروح.
فإن قالوا : لا نعرف هذا ، أي الوالي ، أو الاستدلال المذكور نظير قوله تعالى : قالوا ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول » (٣) وقولوا ما أحببتم نظير قوله تعالى : « اعملوا ما شئتم(٤) » وقوله : تمتعوا قليلا « (٥) قوله ثم وقف : اي ترك أبي الكلام فقال ، أي
____________________
(١ و ٢) البقرة : ٢٥٧.
(٣) هود : ١٩.(٤) فصلت : ٤٠.
(٥) المرسلات ٤٦.