بالخلافة في حياة الرسول عليهالسلام ، وواحدة مؤخرة ، أي قوله : « ولا تفرحوا » إشارة إلى واقعة مؤخرة وهي غصب الخلافة بعد الرسول صلىاللهعليهوآله.
ولا يخفى شدة انطباق هذا التأويل على الاية حيث قال : « ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها » (١) أي ما يحدث مصيبة وقضية في الارض وفي أنفسكم إلا وقد كتبناها ، والحكم المتعلق بها في كتاب من قبل أن نخلق المصيبة أو الانفس ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم من الخلافة وتعلموا أن الخلافة لا يستحقها إلا من ينزل عليه الملائكة والروح بالوقايع والاحكام المكتوبة في ذلك الكتاب ، ولا تفرحوا بما تيسر لكم من الخلافة وتعلموا أنكم لا تستحقونه وأنه غصب وسيصيبكم وباله.
فظهر أن ما ذكره الباقر عليهالسلام قبل ذلك السؤال أيضا كان إشارة إلى تأويل صدر تلك الآية ، فلذا سأل الياس عليهالسلام عن تتمة الاية ، ويحتمل وجها آخر مع قطع النظر عما أشار عليهالسلام إليه أولا بأنا قدرنا المصائب الواردة على الانفس قبل خلقها وقدرنا الثواب على من وقعت عليه والعقاب على من تسبب لها لكيلا تأسوا على ما فاتكم وتعلموا أنها لم تكن مقدرة لكم ، فلذا لم يعطكم الرسول (ص) ، ولا تفرحوا بما آتاكم للعقاب المترتب عليه.
الثانى : ما أفاده الوالد العلامة قدس الله روحه ، وهو أن السؤال عن هذه الآية لبيان أنه لا يعلم علم القرآن غير الحكم ، إذ كل من يسمع تلك الاية يتبادر إلى ذهنه أن الخطابين لواحد لاجتماعهما في محل واحد والحال أن الخطاب في قوله : « لكيلا تأسوا » لعلي عليهالسلام لما فاته من الخلافة ، وفي قوله « ولا تفرحوا » لابي بكر وأصحابه لما غصبوا من الخلافة ، فقوله : واحدة مقدمة وواحدة مؤخرة لبيان اتصالهما وانتظامهما في آية واحدة ، فلذا قال الرجل : أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه حيث تعلمون بطون الايات وتأويلاتها وأسرارها.
الثالث : ما ذكره المولى محمد أمين الاسترابادي رحمهالله حيث قال : « لا تأسوا »
____________________
(١) الحديد : ٢٢.