داود ، ثم قال : « هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب » قال : قلت : ما أعطاه الله جعلت فداك؟ قال : نعم يا باعبيدة إنه إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل الناس بينة.(١)
بيان : قوله عليهالسلام : ما أعطى داود كلمة ما إما مصدرية ، أي لم يمنع الله تعالى من إعطاء الابن إعطاء الاب ، أو موصولة ، أي لم يمنع الله ما أعطاه داود من إعطاء سليمان أفضل منه ، قوله : قال : نعم يا با عبيدة أجاب بوجه يفهم منه ما سأله وزيادة أي ما أعطاه الله هو العلم بالوقائع وعدم الاحتياج إلى البينة ، وفي الكافي بعد قوله : أن أعطى سليمان : ثم قال يا با عبيدة : فلا تكلف.(٢)
ثم اعلم أن الظاهر من الاخبار أن القائم عليهالسلام إذا ظهر يحكم بما يعلم في الواقعة لا بالبينة ، وأما من تقدمه من الائمة عليهمالسلام فقد كانوا يحكمون بالظاهر وقد كانوا يظهرون ما يعلمون من باطن الامر بالحيل كما كان أمير المؤمنين عليهالسلام يفعله في كثير من الموارد.(٣)
وقال الشيخ المفيد في كتاب المسائل : للامام عليهالسلام أن يحكم بعلمه كما يحكم بظاهر الشهادات ، ومتى عرف من المشهود عليه ضد ما تضمنته الشهادة أبطل بذلك شهادة من شهد عليه وحكم فيه بما أعلمه الله تعالى ، وقد يجوز عندي أن تغيب عنه بواطن الامور فيحكم فيها بالظواهر ، وإن كانت على خلاف الحقيقة عند الله تعالى ويجوز أن يدله الله تعالى على الفرق بين الصادقين من الشهود وبين الكاذبين فلا تغيب عنه حقيقة الحال ، والامور في هذا الباب متعلقة بالالطاف والمصالح التي لا يعلمها على كل حال إلا الله عزوجل.
ولاهل الامامة في هذه المقالة ثلاثة أقوال : فمنهم من يزعم أن أحكام الائمة على الظواهر دون ما يعلمونه على كل حال ، ومنهم من يزعم أن أحكامهم إنما هي
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٧٢ و ١٥٠ والاية في ص : ٣٩.
(٢) اصول الكافى ١ : ٣٩٧.
(٣) في نسخة : في كتاب مسائل.