وحي إلى أحد ، ولله تعالى أن يبيح إطلاق الكلام أحيانا ويحظره أحيانا ، ويمنع السمات بشئ حينا ويطلقها حينا ، فأما المعاني فانها لا تتغير عن حقائقها على ما قدمناه.(١)
وقال رحمهالله في كتاب المقالات : إن العقل لا يمنع من نزول الوحي إليهم عليهمالسلام وإن كانوا أئمة غير أنبيآء فقد أوحى الله عزوجل إلى ام موسى « أن أرضعيه » (٢) الآية ، فعرفت صحة ذلك بالوحي وعملت عليه ولم تكن نبيا ولا رسولا ولا إماما ولكنها كانت من عباده الصالحين ، وإنما منعت نزول(٣) الوحي إليهم والايحاء بالاشياء إليهم للاجماع على المنع من ذلك والاتفاق على أنه من زعم أن أحدا بعد نبينا صلىاللهعليهوآله يوحى إليه فقد أخطأ وكفر.
ولحصول العلم بذلك من دين النبي صلىاللهعليهوآله ، كما أن العقل لم يمنع من بعثة نبي بعد نبينا(ص) ونسخ شرعنا كما نسخ ما قبله من شرائع الانبيآء عليهمالسلام وإنما منع ذلك الاجماع والعلم بأنه خلاف دين النبي (ص) من جهة اليقين وما يقارب الاضطرار ، والامامية جميعا على ما ذكرت ليس بينها فيه على ما وصفت خلاف.
ثم قال رحمهالله : القول في سماع الائمة كلام الملائكة الكرام وإن كانوا لا يرون منهم الاشخاص ، وأقول بجواز هذا من جهة العقل وإنه ليس بممتنع في الصديقين من الشيعة المعصومين من الضلال وقد جاءت بصحته وكونه للائمة عليهمالسلام ومن اسميت من شيعتهم الصالحين الابرار الاخيار واضحة الحجة والبرهان ، وهو مذهب فقهاء الامامية وأصحاب الآثار منهم ، وقد أباه بنو نوبخت وجماعة من الامامية لا معرفة لهم بالاخبار ولا ينعموا(٤) النظر ولاسلكوا طريق الصواب.
__________________
(١) تصحيح الاعتقاد : ٥٦ و ٥٧.
(٢) القصص : ٧.
(٣) اى انما منعت القول بنزول الوحى.
(٤) في نسخة : [ ولم يمعنوا ] أقول : انعم النظر في المسألة : حقق فيها النظر وبالغ. وامعن النظر في الامر : بالغ وأبعد في الاستقصاء.