..........................................................
__________________
أبيه ، وأعلم المسلمين باحكام دين جدّه ، وحاوياً بدرجة كاملة للجود الذي هو أحبّ الصفات ، وكان طلق اللسان ، فصيح البيان للغاية ، اتّفق المسلمون بلا مخالف على حسن العقيدة في الحسين حتى أنّ الطوائف التي تذمّ أباه وأخاه تمدحه وتثنى عليه ، وكتبهم مشحونة بذكر ملكاته الحسنة ، وسجاياه المستحسنة ، وكان غيوراً صادقاً غير هيّاب ، وانّ لغالب فرق المسلمين عقائد عظيمة في الحسين عليهالسلام ، ولكن الذي نقدر أن نكتبه في كتابنا بكمال الطمأنينة ، وبلا خوف المعارضة هو أنّ تابعي علي عليهالسلام يعتقدون في الحسين أكثر ممّا تقوله النصارى في المسيح عليهالسلام ، فكما أنّنا نقول إنّ عيسى تحمّل هذه المصائب لتكفير السيئات ، هم يقولون ذلك في الحسين ، ويعدونه الشفيع المطلق يوم القيامة ، والشيء الذي لا يقبل الانكار أبداً.
إذا قلناه في الحسين هو انّه كان في عصره أوّل شخص سياسي ، ويمكن أن نقول أنّه لم يختر أحد من أرباب الديانات سياسة مؤثرة مثل سياستة ، ومع أنّ أباه عليّاً هو حكيم الإسلام ، وحكمياته وكليّاته الشخصية لم تكن بأقل ممّا هو لسائر حكماء العالم المعروفين ، لم يظهر منه مثل السياسة الحسينية.
ولأجل اثبات هذه المسألة يلزم الالتفات قليلاً إلى تاريخ العرب قبل الإسلام ، فنرى أنّها كانت قرابة بين بني هاشم وبني اميّة ؛ أي أنّهم بنو أعمام لأنّ أميّة وهاشم أنجال عبد مناف ، ومن قبل الإسلام كان بينهم نفور وكدورة بدرجة متناهية ، وحصل بينهم مراراً مجادلات وقتال ، وكان كلّ من الطرفين طالباً ثأر من الآخر ، وكان بنو هاشم وبنو اميّة أعزّاء محترمين في قريش ، ولهم السيادة ، بنو اميّة من جهة الغنى والرئاسة الدنيويّة ، وبنو هاشم من جهة العلم والرئاسة الروحانية ، وفي بدء الاسلام ازدادت العداوة بين بني هاشم وبني اميّة إلى أن فتح النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم مكة ، وأدخل في طاعته وتحت أمره عموم قريش وبني اميّة ، وفي الواقع استولى على رئاسة العرب الدينيّة والدنيويّة ، فلأجل ذلك ارتفع قدر بني هاشم بين العرب واطاعتهم بنو اميّة ، وأضرم هذا التقدّم في الباطن نار الحسد لبني هاشم في صدور بني اميّة ، وكانوا على استعداد للإيقاع ببني هاشم حقداً عليهم.
فلمّا توفّي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اتّسع لهم المجال لذلك ، فسعوا أولاً أن لا يكون الخليفة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على اصول ولاية العهد ، بل على اصول