...................................................................
__________________
أكثرية الآراء ولم تدع شدّة مخالفة بني اميّة أن تكون أكثرية الآراء في الخلافة بجانب بني هاشم ، فهنا نال بنو اميّة مآربهم ، وتغلّبوا على بني هاشم.
وبسبب الخلافة تمكّن بنو اميّة من الحصول على مقام منيع ، فسهّلوا الطريق لمستقبلهم ، وكانوا يسعون في رفعة منزلتهم عند الخلفاء يوماً فيوماً ، وأصبحوا ركناً من أركان السلطنة الإسلامية حتى أصبح الخليفة الثالث منهم ، وأصبح بنو اميّة متفوّقين تفوّقاً مطلقاً في كل عمل ومكان ، ووطّدوا مقامهم للمستقبل ، ونظراً إلى تلك العداوة والثارات التي كانت لبني أميّة عند بني هاشم حسب عوائد العرب في ذلك الزمان كان إظهارهم لخلوص العقيدة والنيّة الصافية للإسلام أقلّ من سواهم ، وكانوا باطناً يرون من العار أن يتّبعوا ديناً يكون ختامه باسم بني هاشم ، ولكثرة المسلمين في ذلك الزمان كان بنو اميّة يسيرون وراء مقاصدهم تحت ظلّ هذا الدين ، ولم يعلنوا بمخالفته ، وتظاهرو بمتابعته ، ولمّا رأوا أنفسهم في المقامات العالية ، ووطّدوا مقامهم في الجاه والجلالة ، أظهروا تمرّدهم عن أحكام الإسلام حتى أنّهم كانوا في المحافل يستهزئون بدين جاء به بنو هاشم.
ولما رأى بنو هاشم انّ الأمر صار الى هذا ، واطّلعوا على نوايا بني اميّة لم يقعدوا عن العمل ، وأظهروا للناس أعمال الخليفة الثالث بأساليب عجيبة ، فأثاروا المسلمين عليه حتى آل الأمر إلى أن اشترك رؤساء طبقات المسلمين في قتله ، وبأكثرية الآراء اصبح عليّ الخليفة الرابع.
من بعد هذه الواقعة تأكّد بنو اميّة أنّها ستكون لبني هاشم السيادة والعظمة كما كانت لهم في زمن النبي صلىاللهعليهوآله. فلهذا قام معاوية الذي كان حاكماً لبلاد الشام من قبل الخلفاء السابقين ، وكان ذا إقتدار ودهاء ونظر بعيد ناشراً لواء العصيان على علي بدعوى انّ قتل عثمان كان بإشارة منه والقى الخلاف بين المسلمين وبتلك الطريقة التي كانت بين العرب قبل الإسلام شهر السيف بينهم.
ومعاوية وان لم يغلب عليّاً في هذه الحروب العديدة ، لكنّه لم يكن مغلوباً ، ولم يطل زمن تمرّد بني اميّة على رئاسة بني هاشم حتى قتلوا عليّاً عليهالسلام وعندئذ تغلّب معاوية ، وصالحه الحسن الذي هو الأخ الأكبر للحسين وهو الخليفة الخامس ، وعادت الخلافة الى بني اميّة فكان معاوية من جهة يسعى في تقوية ملكه ، ومن جهة اخرى يسعى في اضمحلال بني هاشم ، ولم يفتر دقيقة واحدة عن محوهم.