وأضحى المسلمون امّه من الامم التالفة ، إذ لو بقي المنافقون على ما كانوا عليه من الظهور للعامّة بالنيابة عن رسول الله والنصح لدينه صلىاللهعليهوآله ، وهم أولياء السلطة المطلقة والإرادة المقدّسة لغرسوا من شجرة النفاق ما أرادوا وبثّوا من روح الزندقة ما شاؤوا وفعلوا بالدين ما توجبه عداواتهم له وارتكبوا من الشريعة كلّ أمر يقتضيه نفاقهم.
وأمّا وشيبة الحسين عليهالسلام المخضوبة بدمه الطاهر ، لولا ما تحمّله سلام الله عليه في سبيل الله ما قامت لأهل البيت عليهمالسلام ـ وهم حجج الله ـ قائمة ، ولا عرفهم ـ وهم اولوا الأمر ـ ممّن تأخّر عنهم أحد ، لكنّه ـ بأبي وأمّي ـ فضح المنافقين ، وأسقطهم من أنظار العالمين ، واستلفت الأبصار مصيبته إلى سائر مصائب أهل البيت ، واضطر الناس بحلول هذه القارعة إلى البحث عن اساسها ، وحملهم على التنقيب عن أسبابها ، والفحص عن جذرها وبذرها واستنهض الهمم إلى حفظ مقام أهل البيت عليهمالسلام ، وحرك الحميّة على الانتصار لهم ، لأنّ
__________________
وكان الحسين مع أنّه تحت نفوذ أخيه الحسن لم يطع بني اميّة ، ولم يظهر مخالفتهم وكان يقول علناً لا بدّ أن اقتل في سبيل الحق ، ولا استسلم للباطل ، وكان بنو اميّة في اضطراب منه ، وبقي هذا الاضطراب إلى أن مضى الحسن ومعاوية وجلس يزيد في مقام أبيه على اصول ولاية العهد ، وابطلت الخلافة بأكثرية الآراء من بعد علي عليهالسلام ، ولكن بعد تعيينه لولاية العهد استحصل معاوية على صكّ بأخذ البيعة له من رؤساء القوم ، ورأى الحسين عليهالسلام من جهة انّ حركات بني اميّة الذين كانت لهم السلطة المطلقة والرئاسة الروحانية الإسلامية قاربت أن تزعزع عقيدة المسلمين من دين جدّه ، ومن جهة اخرى كان يعلم انّه إذا أطاع يزيد أو لم يطعه ، فبنو اميّة نظراً لعدواتهم وبغضهم لبني هاشم لا يألون جهداً في محوهم ، وإذا دامت هذه الحال مدّة لا يبقى أثر لبني هاشم في عالم الوجود ، فلهذا صمّم الحسين عليهالسلام على القاء الثورة بين المسلمين ضد بني اميّة ، كما أنّه رأى من حين جلوس يزيد في مقام أبيه وجوب عدم طاعته ، ولم يخف مخالفته له.