نزل ذات عرق (١) فلقي بشر بن غالب (٢) وارداً من العراق ، فسأله عن أهلها.
فقال : خلفت القلوب معك ، والسيوف مع بني اميّة.
فقال : صدق أخو بني أسد إن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. (٣)
ولما بلغ عبيد الله بن زياد إقبال الحسين عليهالسلام من مكّة ، بعث صاحب شرطته الحصين بن نمير (٤) حتى نزل القادسية ، ونظم الخيل ما بين
__________________
١ ـ ذات عرق مُهَلّ أهل العراق ، وهو الحدّ بن نجد وتهامة. اسم لمنزل بين مكّة والعراق ، يبعد عن مكّة مسافة منزلين ، وهو ميقات إحرام القادمين من شرقي مكّة ؛ وقيل : عرق جبل بطريق مكة ومنه ذات عرق.
وقال الأصمعي : ما ارتفع من بطن الرمّة فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق ، وعرق هو الجبل المشرف على ذات عرق. انظر : معجم البلدان ٤ : ١٠٧ ـ ١٠٨.
وهو من المنازل التي مرّ بها سيّد الشهداء بعد وادي العقيق ، وتوقف فيه يوماً أو يومين ، ثم شدّ رحاله وواصل المسير ، وفي هذا المنزل لقي الإمام بشر بن غالب وكان قادماً من العراق ، وسأله عن وضع العراق ، فقال له : القلوب معك والسيوف عليك. وسار الإمام إلى المنزل التالي هو « غمرة ». ومن هذا المنزل بعث كتاباً إلى أهل الكوفة يخبرهم فيه بنبأ قدومه إليهم ، وأنفذوه بواسطة قيس بن مسهر الصيداوي. انظر : مقتل الحسين للمقرّم : ٢٠٤.
٢ ـ في مستدركات علم الرجال ( ٢ : ٣٣ ) : بشر بن غالب الأسدي الكوفي ، من أصحاب الحسين والسجاد ، قاله الشيخ في رجاله ، والبرقي عدّه من أصحاب أمير المؤمنين والحسنين والسجاد عليهمالسلام ، وأخوه بشير ، رويا عن الحسين دعاءه المعروف يوم عرفة بعرفات ... وله روايات عن الحسين ذكرت في عدّة الداعي ، ويروي عنه عبد الله بن شريك.
٣ ـ مثير الأحزان : ٢١.
٤ ـ الحصين بن نمير بن نائل أبو عبد الرحمن الكندي ثم السكوني ، وهو من قادة الأمويين القساة ، من أهل حمص ، كان مبغضاً لآل علي ؛ ففي معركة صفّين كان إلى جانب معاوية ، وفي عهد يزيد كان قائداً على قسم من الجيش ، وفي واقعة مسلم بن عقيل سلّطه ابن زياد على دور أهل الكوفة ، ليأخذ مسلم ويأتيه به ، وهو الذي أخذ قيس بن مسهّر رسول الحسين عليهالسلام فبعث به إلى ابن زياد فأمر به فقتل ، وهو الذي نصب المنجنيق على جبل أبي قبيس ورمى به الكعبة لمّا تحصّن ابن الزبير في