وحسبك عاراً (١) أن تبيت ببطنةٍ (٢) |
|
وحولك أكباد تحنّ إلى القِدّ (٣) |
أأطمع (٤) أن يقال أمير المؤمنين ، ولا اُشاركهم في مكاره الدهر ، وأكون أسوةً لهم في خشونة (٥) العيش! فما خُلقت ليشغلني أكل الطيّبات ، كالبهيمة المربوطة ، همُّها علفها ، أو المرسلة شُغُلُها تَقمُّمها (٦) ، تكترش (٧) من أعلافها ، وتلهو عمّا يراد بها! وكأنّي بقائلكم يقول : « إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران ، ومنازلة الشجعان » ، ألا وإنّ الشجرة البرّية (٨) أصلب عوداً ، والرواتع الخضرة (٩) أرقّ جلوداً ، والنابتات العِذية (١٠) أقوى وقوداً ، [ وأبطأ خُموداً ، ] وأنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله كالصنو من الصنو (١١) ، والذراع من العَضُد ، والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيت عنها. (١٢)
بأبي أنت وامي كم تظاهرت العرب على قتالك ، فظهرت عليها « وردّ الله
__________________
١ ـ كذا في الأصل ، وفي المصدر : داء.
٢ ـ البطنة ـ بكسر الباء ـ : البطر والأشر.
٣ ـ القِد ـ بالكسر ـ : سير من جلد غير مدبوغ.
٤ ـ كذا في الأصل ، وفي المصدر : أأقنع من نفسي بأن يقال : هذا.
٥ ـ كذا في الأصل ، وفي المصدر : جشوبة.
٦ ـ تقمّمها : التقاطها للقمامة ، أي الكناسة.
٧ ـ تكترش : تملأ كرشها.
٨ ـ الشجرة البرّية : التي تنبت في البر الذي لا ماء فيه.
٩ ـ الرواتع الخضرة : الأشجار والأعشاب الغضّة الناعمة التي تنبت في الأرض الندية.
١٠ ـ النابتات العذبة : التي تنبت عذباً ، والعذي ـ بسكون الذال ـ الزرع الذي لا يسقيه إلا ماء المطر.
١١ ـ كذا في الأصل ، وفي المصدر : كالضوء من الضوء.
١٢ ـ نهج البلاغة ( شرح الدكتور صبحي الصالح ) : ٤١٦ ـ ٤٢٠ ، كتاب رقم ( ٤٥ ) ، كتاب أمير المؤمنين عليهالسلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة.