السماء ، فشحّت عليها نفوس قومٍ ، [ وسَخت عنها نفوس قوم آخرين ] ، ونِعم الحَكمُ الله ، وما أصنع بفدكٍ وغير فدك ، والنفس مظانّها (١) في غدٍ جَدث (٢) ، تنقطع في ظلمته آثارها ، وتغيب أخبارها ، [ وحفرة لو زيدَ في فُسحتها ، وأوسعت يدا حافرها ، لاضغطها الحجر والمدر (٣) ، وسدّ فُرَجَها (٤) التراب المتراكم ، وإنّما هي نفسي اُروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر ، وتثبت على جوانب المزلقِ (٥) ، ] ولو شئت لاهتديت الطريق ، إلى مُصفّى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، و [ لكن ] هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ـ ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبع ـ أو أبيت مِبطاناً وحولي بُطون غرثى (٦) ، وأكباد حرّى (٧) ، أو أكون كما قال القائل :
__________________
إنّا قد فقدناك فقـد الأرض وابلها |
|
واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب |
قد كان جبـريل بالآيـات يؤنسنا |
|
فغاب عنا فكـلّ الخير محتجب |
وكنت بـدراً ونـوراً يُستضاء به |
|
عليك ينزل من ذي العزّة الكتب |
تجهّمتنا رجـال واستخـف بنـا |
|
إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب |
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت |
|
منا العيون بتهمال لهـا سكـب |
انظر : الاحتجاج للطبرسي : ج ١ ص ٩٠ ـ ٩٣ ، علل الشرائع للصدوق : ج ١ ص ١٩٢ ، ب ١٥١ ح ١ ، تفسير القمّي : ج ٢ ص ١٥٥ ـ ١٥٧.
١ ـ المظان : جمع مظنة ، وهو المكان الذي يظنّ فيه وجود الشيء.
٢ ـ جدث ـ بالتحريك ـ : قبر.
٣ ـ المدر : جمع مدرة ، مثل قصب وقصبة وهو التراب المتلبد ، أو قطع الطين.
٤ ـ فُرجَها : جمع فُرجة ، مثال غُرف وغُرفة : كل منفرج بين شيئين.
٥ ـ المزلق : موضع الزلل ، وهو المكان الذي يخشى فيه أن تزل القدمان ، والمراد هنا الصراط.
٦ ـ غرثى : جائعة.
٧ ـ حرّى ـ مؤنث حرّان ـ : أي عطشان.