وبـشـربة الـسمّ الـنقيع عـداوةٌ |
|
من كفّ جعدة قد قضى الحسن السني |
وإلـيك عـنّي لا تـقل حـدّث بما |
|
لاقـى الـحسين فـرزؤه قد شفني |
حـيث الـمصائب جـمّة لا أدر ما |
|
مـنها أقـصّ عـليك لـو كـلّفتني |
نعم ، أقصُ عليك مصيبته بأطفاله ، فعن أبي الفرج الاصفهاني : أنّه كان في مخيم الحسين عليه السلام ستّة أطفال وقفوا في باب الخيمة وقد أضرّ بهم العطش ، فاتلعوا برقابهم إلى الفرات ، يتموّج كأنّه بطون الحيّات ، فجاءتهم السهام فذبحتهم عن آخرهم ، وكان الحسين قد تناول ولده الرضيع ليودعه أومأ إليه ليقبّله رماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه ، فتلقّى الحسين عليه السلام دم الطفل بكلتا يديه ، لمّا امتلأتا من الدم رمى به نحو السماء ثم قال : هوّن عليَّ ما نزل بك أنّه بعين الله.
وقيل : أنّ الطفل كان مغمى عليه من شدّة العطش ، فلمّا أحسّ بحرارة السهم رفع يديه من القماط واحتضن أباه ..
ولمّا سقط الحسين عليه السلام عن ظهر جواده خرج عبد الله بن الحسن عليه السلام وهو غلام لم يراهق ، واشتدّ حتى وقف إلى جنب عمه ، فلحقته عمّته زينب لتحبسه فأبى وامتنع شديداً وقال : والله لا أفارق عمي.
فأهوى بحر بن كعب ، وقيل : حرملة بن كاهل إلى الحسين بالسيف فاتّقاها الغلام بيده فأطنّها إلى الجلد فإذا هي معلقة ، فنادى الغلام :
يا اُماه ، فأخذه الحسين عليه الس لام فضمّه إلى صدره وقال :
يا بن أخي اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير ، فانّ الله يلحقك بآبائك الصالحين ، فرماه حرملة لعنه الله بسهم فذبحه وهو في حجر عمّه.(١)
هبوا انّكم قاتلتموا فقتلتم |
|
فما بال أطفال تقاسي نبالها |
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٨٩.