ثمّ أومأ إلى أبي بكر ـ كما في ترجمة وثيمة بن موسى بن الفرات من وفيات ابن خلكان ـ فقال مخاطبا له :
أدعوته بالله ثمّ غدرته (١) |
|
لو هو دعاك بذمّة لم يغدر |
فقال أبو بكر : والله ما دعوته ، ولا غدرته. ثم قال :
ولنعم حشو الدرع كـان وحاسراً |
|
ولنعم مأوى الطارق المتنوّر |
لا يمسك (٢) الفحشاء تحت ثيابه |
|
حلو شمائله عفـيف المئزر |
وبكى حتى انحطّ عن سيّة قوسه ، قالوا : فما زال يبكي حتى دمعت عينه العوراء ، فما أنكر عليه في بكائه ولا رثائه منكر ، بل قال له عمر ـ كما في ترجمة وثيمة من الوفيات ـ : لوددت أنّك رثيت زيداً أخي بمثل ما رثيت به مالكاً أخاك ، فرثى متمم بعدها زيد بن الخطّاب فما أجاد ، فقال له عمر : لِم لَم ترث زيداً كما رثيت مالكاً؟
فقال : انّه والله ليحرّكني لمالك ما لا يحرّكني لزيد (٣).
واستحسن الصحابة ومن تأخر عنهم مراثيه في مالك ، وكانوا يتمثّلون بها كما اتّفق ذلك من عائشة ، إذ وقفت على قبر اخيها عبد الرحمن ـ كما في ترجمته من الاستيعاب (٤) ـ فبكت عليه وتمثّلت :
وكُنّا كَنَدماني جَذيمة حِقبةً |
|
من الدهر حتى قيل لن يتصدّعا |
__________________
١ ـ في المصادر : قتلته.
٢ ـ في العقد الفريد : لا يُمسك.
٣ ـ وانظر : الكامل للمبرّد ٣ : ١٦٢.
٤ ـ الاستيعاب ٢ : ٤٩٧.