( زيد ) في المثالين عن العامّ ، بل يخالفه (١) من حيث ثبوت الجهة المقتضية للحكم فيه على نحو ثبوتها في سائر أفراد العامّ ، وانتفاؤها في ( زيد ) في المثالين. نعم يوافقه من حيث خروجه عن حكم العامّ واختصاص الحكم بسائر أفراده ، وهذا مثل الصلاة في المكان المغصوب التي هي من افراد محلّ النزاع في المقام ، فإنّها ـ بناء على ترجيح النهي ـ يحكم بخروجها عن الأمر بالصلاة وعدم سراية (٢) الوجوب المعلّق على طبيعة الصلاة بالنسبة إليها ، إلاّ أنّها مع ذلك ليست كالصلاة بغير الطهارة من الحدث التي لا مصلحة فيها أصلا ، بل مشتملة على مصلحة جهة طبيعة الصلاة على نحو اشتمال سائر أفراد تلك الطبيعة عليها ، بحيث لا تنقص هذه من هذه الجهة من شيء من أفرادها ، وإنّما تزيد تلك الأفراد وترجح على هذه من جهة أخرى ، وهي خلوّ تلك عن الجهة المقتضية للنهي ـ وهي المفسدة ـ واشتمال هذه عليها ، لكن تلك الجهة لا توجب زوال المصلحة عنها البتّة ، لعدم المنافاة بينهما بوجه ، وإنّما المنافاة بين مقتضاهما ـ وهو طلب الترك أو الفعل ـ ولذا خصّت إحداهما بالحكم دون الأخرى.
والحاصل : أنّ الصلاة في المكان المغصوب ـ من حيث كونها صلاة ذات مصلحة ـ لا منقصة فيها من هذه الجهة أصلا ، وإنّما اتّحدت في الوجود مع عنوان
__________________
(١) والسرّ في ذلك أنّ الحكم في العمومات إنّما يتعلّق بحصص الجزئيات والأشخاص ، فإذا ورد النهي عن بعض الأفراد فهو ملازم لمبغوضيّة ذات ذلك الفرد بعينه ، ومعه لا يعقل كونه ذا مصلحة أيضا ، فالنهي عنه مناف للأمر وللجهة المقتضية له أيضا ، فلذا لا يقع موردا للامتثال ولو مع الغفلة عن النهي ، هذا بخلاف المقام ، فإنّ المفروض في الفرد الّذي هو مجمع عنواني المأمور به والمنهيّ عنه عدم مبغوضيّة نفسه ، وإنّما هو متضمّن لشيء هو المبغوض لا غير ، مع تضمّنه لعنوان آخر ذي مصلحة أيضا ، وذلك لعدم تعلّق النهي بنفس ذلك الفرد من حيث هو ، بل بعنوان متّحد معه صادق عليه ، فلذا يقع امتثالا في حال نسيان النهي أو الغفلة عنه ، لوجود جهة الأمر فيه حينئذ. لمحرّره عفا الله عنه.
(٢) في الأصل : ( تسرّي ) ، ولا وجود لهذا المصدر بمعنى السراية ، فالصحيح ما أثبتناه.