آخر مشتمل على المفسدة ، ومجرّد اتّحادها معه في الخارج لا يوجب زوال تلك المصلحة عنها ، بل هي ذات مصلحة ومفسدة باعتبارين ، وعدم سراية (١) الأمر إليها ليس لعدم المقتضي ، بل إنّما هو لوجود المانع من توجّه الأمر ، وهو اتّحادها مع ذلك العنوان ، حيث إنّها لمّا اتّحدت معه فصارت ذات مفسدة يقبح (٢) سراية (٣) الأمر إليها ، أو أنّ المانع هو نفس النهي لمناقضته مع الأمر ، إذ بعد ترجيح جهة النهي فهي مقتضية للنهي الآن ، فتكون منهيّا عنها ، ومعه لا يمكن الأمر بها لأدائه إلى التناقض.
وتظهر الثمرة بين التخصيص على هذا النحو وبين التخصيصات المتعارفة فيما إذا كان الحكم الثابت لذلك الفرد المستثنى من العامّ هي الحرمة ، وكان المكلّف غافلا عن حرمته ، أو جاهلا بها جهلا يعذر معه ، أو ناسيا ، لاندراجه تحت العنوان المحرّم المتّحد فيه مع عنوان الأمر مثل ما إذا علم بحرمة الغصب ، إلاّ أنّه نسي أنّ الصلاة الصادرة منه في دار الغير غصب ، مع كون ذلك الفرد المستثنى عبادة ، بمعنى أن يكون المأمور به الّذي ذلك من أفراده من العبادات ، بل مع كونه من المعاملات أيضا فأوجده المكلّف ، فإنّه على تقدير أن يكون خروجه عن العامّ الّذي هو موضوع الأمر على نحو التخصيصات المتعارفة فلا يجديه ذلك في شيء ، فإنّه وإن لم يعقل منقصة لفعل ذلك الفرد لعدم فعليّة النهي في حقّه ، لعدم علمه به والتفاته إليه ، إلاّ أنّه خال عن المصلحة الكامنة في المأمور به الموجودة في سائر افراده ، فلا يقع عبادة ولا مسقطا عنها بوجه :
أمّا عدم وقوعه عبادة فلتوقّفها إمّا على الأمر أو على الجهة المقتضية له
__________________
(١) في الأصل : ( تسري ) ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) في الأصل : فيقبح ..
(٣) في الأصل : ( تسرّي ) ، والصحيح ما أثبتناه.