قطعه ـ كما هو المفروض ـ فلا يؤثّر ذلك في حقه من شيء (١) ، فإنّ قطعه وإن أمكن كونه جهلا مركّبا ، لكنه غير محتمل له ، فمع بقائه يقطع القاطع بكذب ذلك النهي ، وأنّه مجرّد لفظ لم يرد منه ترك ما قطع بلزوم فعله ، فلا يفيد في حقّه المنع منه ، فيلغى. هذا إذا كان القاطع مطيعا.
وأما إذا كان عازما على العصيان فامتناع النهي حينئذ أظهر ، لحصول الغرض منه ، وهو ترك السلوك ، وإلاّ لو فرض كون الترك ـ على تقديره ـ تعبّديا فلا يفيد ذلك النهي في حقّه أيضا ، إذ المفروض أنّه قاطع بالخلاف ، فتحقّق الترك منه (٢) ـ حينئذ ـ لا يمكن إلاّ على وجه العصيان للأمر المقطوع به ، فالداعي إلى الترك إنما هو تشهّي نفسه ، ولا يعقل أن يكون هو النهي ، فيمتنع تحقّق الترك منه ـ حينئذ ـ على وجه التعبّد ، فيلغى النهي المذكور بالنظر إلى تلك الفائدة أيضا.
وأمّا الأمر فلأنّ فائدته إنّما هو تحريكه إلى إطاعة المقطوع به ، ومع فرض قطعه قبله يتوجّه أمر إليه بكون المحرّك له هو قطعه بذلك الأمر ، فلا يؤثّر هذا الأمر في التحريك شيئا ، فيلغى. هذا إذا كان القاطع عازما على الإطاعة.
وأما إذا كان عازما على العصيان فلا يفيد ذلك في حقّه بعثا وتحريكا أيضا ، فيلغى هو من جهة هذه الفائدة.
ولو كان الأمر المذكور لأجل تمامية الحجّة عليه كما في تكليف الكفّار ، فهو ـ أيضا ـ غير محتاج إليه لتماميّتها بقطعه بكونه مكلّفا.
ولو كان لأجل فائدة الإجزاء فقد حقّقنا في محلّه أنّه يدور مدار الإتيان
__________________
(١) يحتمل في النسخة ( أ ) : ( في حقّه ) كما أنّ الموجود في النسخة ( في شيء ) والصحيح ما أثبتناه.
(٢) في النسخة ( أ ) : أنّه قاطع بخلاف تحقّق الترك منه ..