ثمّ إنّ هذين القسمين يفترقان فيما إذا صلّى مع البول مع الشكّ فيه ، لكن قام أمارة على بولية ما لاقاه من المائع المشكوك في بوليته ، وقلنا : إنّ النجاسة من أحكام معلوم البول ، لا ذات البول ، وإنّ الطهارة فيها من الشرائط الواقعية للصلاة ، فحينئذ إن كان اعتبار العلم في موضوع النجاسة من حيث طريقيته إلى متعلّقه فهو قد صلّى مع النجاسة الواقعية في الفرض المذكور لقيام الأمارة المفروضة مقامه ـ حينئذ ـ في جزئية لموضوع النجاسة ، فلا يجزيه هذه الصلاة بعد انكشاف كون ما لاقاه بولا بالعلم واقعا ، بل عليه الإعادة في الوقت مع بقائه أو القضاء مع خروجه ، وكذا لا يجزيه قبل انكشاف بوليته ـ أيضا ـ بمعنى أنه لا يجوز له الاكتفاء بتلك الصلاة في مرحلة الظاهر قبله.
وإنّما وصفنا عدم الإجزاء قبله بكونه ظاهريا ، لأنّ المفروض أنّ موضوع النجاسة واقعا هو ذات البول مطلقا ، لا من أحكام ما قام طريق على بوليته كذلك ، فلو فرض قيام طريق على بولية شيء على القول المذكور مع عدم كونه بولا في الواقع لا يكون نجسا في الواقع ، بل إنّما هو محكوم بالنجاسة ظاهرا ، فقبل انكشاف بولية ما قامت الأمارة على بوليته ، لمّا لم يعلم ببوليته واقعا ، يكون (١) ذلك في تلك الحال محكوما بالنجاسة في الظاهر ، فيترتّب عليه أحكام النجاسة ظاهرا.
وإن كان اعتباره فيه من حيث كونه صفة خاصّة فالصلاة المذكورة مجزية له واقعا قبل انكشاف بوليته وبعده ، لعدم صلاحية قيام الأمارات ـ حينئذ ـ مقامه حتّى يكون محصّلة للقيد المأخوذ في موضوع النجاسة.
وهذا الفرق إنّما هو بالنظر إلى أدلّة اعتبار الأمارات ، وإلاّ فيمكن ورود دليل آخر على تنزيل مشكوك البولية منزلة معلومها في الحكم بالنجاسة في
__________________
(١) في النسخة ( أ ) : فيكون ..