حصول ذلك الغرض بتعبّد الشارع المكلّف بترتّبه على ما يشكّ كونه هو الموضوع الواقعي له ، فعلي تقدير ذلك التعبّد لا حاجة إلى طريق إليه أصلا ، ومحلّ الفرض من هذا القبيل ، فإنّ قضيّة أدلّة اعتبار الأمارات والأصول (١) إنّما هو التعبّد بمقتضاها وجعل مؤدّياتها هو الواقع في ترتيب الآثار المجعولة له ، فيترتّب على مواردها جميع أحكام (٢) ذوات تلك المقامات والآثار المجعولة لها واقعا والتي جعلت لها بشرط قيام طريق عليها في مرحلة الظاهر فإن صادفت هي للواقع فيكون الأحكام المترتبة عليها في الظاهر واقعية أيضا وإلا فهي ظاهرية محضة.
هذا مضافا إلى أنّ الأمارات بعد اعتبار الشارع إياها وجعل الاحتمال المخالف لها بحكم العدم يكون كالقطع في مرحلة الظاهر فهي حينئذ طريق إلى إحراز الموضوع للحكم المذكور.
وأمّا الإشكال الثاني : فيدفعه أنّه على تقدير تسليم التّناقض بين جهتي الحكم الظاهري والواقعي لا يلزم منه استعمال الخطاب في معنيين ، إذ المقصود بالإفادة منه لي الا تعليق الحكم المذكور فيه على ما ذكر فيه من الموضوع من غير قصد فيه إلى إفادة جهة به وإنّما هي على تقديرها ببيان آخر لا به ، إذ المفروض أنّها جهة الحكم والقضية فلا يجب إفادتها بما يفيد به الحكم حتى يلزم منها استعمال الخطاب في معنيين مع تعدّد جهة الحكم المذكور فيه لفرض عدم جامع بينهما.
وأمّا نفس الحكم الظاهري والواقعي فلا تناقض (٣) بينهما ولا بين موضوعيهما حتى يلزم منه استعمال الخطاب المقصود به إفادة كليهما في معنيين ، فإنّ كلا من الأحكام الخمسة التكليفية والوضعيّة قدر مشترك بين الظاهري
__________________
(١) ( الأصول ) ساقط من ( أ ).
(٢) ( أحكام ) ساقط من ( أ ).
(٣) في ( ب ) : فلا جامع. بدل : فلا تناقض.