السابقة وعدمه وجهان :
أحدهما : إطلاق أدلة الشك بعد الفراغ ، فإنّه يقتضي البناء على صحة ما مضى منه أيضا مع الشك في صحّته وعدم العلم بالخلاف بالفرض.
وثانيهما : دعوى انصراف تلك الأدلة ، ولعل الأول أقوى ، لأنّ الحكم بالصحّة بعد الفراغ في تلك الأدلة لم يؤخذ فيه أزيد من الشك بعد الفراغ مع عدم حدوثه حال العمل من غير أن يقيّد بالقطع بالصحّة حاله ، ولذا يعملون بها في حق غير الملتفت إلى الصحة والفساد حاله ، فلا وجه لانصرافها عن القطّاع.
وبعبارة أخرى الحكم بالصّحة في تلك الأدلة لم يقيد بالعلم بها حال العمل حتّى يقال إنّه منصرف إلى العلم المتعارف فيخرج عنه قطع القطّاع وإنّما قيد بالشك بعده مع عدمه حاله ، وهما متحققان في القطّاع.
هذا بالنسبة إلى الآثار السابقة.
وأمّا الآثار المستقبلة ، فلا يجوز ترتيبها لغير القطاع ، فلا يجوز له بطريق أولى لأنّ قاعدة الاشتغال يقتضي نقض الآثار السابقة أيضا ، إلاّ أنّها بالنسبة إلى الآثار السابقة إنّما يترك العمل بها لأجل قاعدة الشك بعد الفراغ الحاكمة عليها ، وأما الآثار اللاّحقة فهي غير داخلة في تلك القاعدة ، لكون الشك فيها على تقديره شكا قبل العمل ، فقاعدة الشغل محكّمة فيها ، لسلامتها (١) عن مزاحمة ما يعارضها أو يحكم عليها ، هذا.
ثم إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا ـ من عدم اعتبار قطع القطّاع باعتبار الموضوعية لحكم أخذ في موضوعه الاعتقاد ـ أنّه إذا قطع في يوم الغيم بكون جهة خاصة قبلة ، فصلّى ، ثم ظهر خطؤه يجب عليه الإعادة والقضاء ، هذا بخلاف غير القطاع فإنّه إذا قطع بذلك وعمل به يجزيه مطلقا ، وذلك لأنّ الإجزاء في حقّ
__________________
(١) في النسختين ( سلامتها ) والصحيح ما أثبتناه.