الفقهاء (١) قد يطلق على عدم العصيان ، وقد يطلق على الإتيان بالمأمور به بداعي الأمر ، وامتياز العبادات عن (٢) غيرها إنّما هو باختصاصها بذلك ، بمعنى اعتبار كون الدّاعي إلى الإتيان بها هو الأمر.
والإطاعة بالمعنى الأول إنّما يحصل بالإتيان بالمأمور به على وجه يحصل غرض الآمر ولازمه عقلا فراغ الذّمّة وسقوط الأمر.
وأمّا كونه منشأ للثواب أيضا ، فإنّما هو فيما إذا كان الدّاعي للإتيان هو الأمر ، كما أنّ أصل تحققه يتوقف على ذلك في العبادات ، فإنّ الإتيان بها لا يكون محصّلا للغرض منها إلاّ مع كون الدّاعي له هو الأمر.
والظاهر (٣) أنّ إطلاق الإطاعة على المعنى الثاني ـ أعني الإتيان بالمأمور به بداعي الأمر ـ إنّما هو [ فيما ] إذا حصل معه فراغ الذّمّة للمأمور ، فعلى هذا ليكون (٤) الإطاعة بالمعنى الثاني أخص منها بالمعنى الأوّل ، أعني يقابل العصيان مطلقا ، وحيث اعتبر فيها على المعنى الثاني تحقق الفراغ معها تكون (٥) هي بذلك المعنى ملزومة للثواب وسقوط العقاب أيضا بخلاف الإطاعة بالمعنى الأوّل حيث إنّها ملزومة للثاني وأمّا الأول فإنّما هو يلزمها فيما إذا اتّحدت مع الإطاعة بالمعنى الثاني.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أنّ اللاّزم بحكم العقل ـ في كلّ واحد على كلّ أحد مع كون الآمر ممن يجب أتباعه على المأمور ـ إنّما هو الإطاعة بالمعنى الأوّل ، فإنّ الّذي يلزم به المأمور إنّما هو تحصيل الأمن من العقاب الناشئ من العصيان ، وأما الثواب فلا يحكم بلزوم تحصيله عليه وإن كان يحكم بحسنه ، فلا
__________________
(١) في نسخة ( أ ) ( العلماء أيضا ).
(٢) في نسخة ( أ ) ( من ).
(٣) في نسخة ( ب ) ( وأيضا ).
(٤) في النسختين : ( فيكون ).
(٥) في النسختين : ( فيكون ).