فيختلف بسببه اعتباره الأمور المحصّلة لها قلّة وكثرة ، فيكون المطلوب فيها هو الإتيان بداعي الأمر على وجه يحصل معه الغرض ، وهذا مفهوم مبين ، فلو شك في اعتبار شيء في حصوله فهو راجع إلى الشكّ فيما يتحقق به المطلوب دون نفسه ، ومن المقرر في محلّه أنّه إذا كان المطلوب أمرا مبيّنا يجب تحصيله قطعا حتى فيما إذا تردد ما يتحقق هو به بين الأقل والأكثر كما هو الحال في المقام ، فإنّ التردد إنّما هو في محقّقه وهو مردّد بين الأقل والأكثر.
وخلاصة المناقشة المذكورة أنّ المعتبر في الأوامر العرفية تعبّدية كانت أو توصّلية إنّما هي الإطاعة المقابلة للعصيان الرافعة له وهي الإتيان بالمأمور به على وجه يحصل غرض الآمر وهي تختلف في الموارد باختلاف الأغراض الموجب لاختلاف الأسباب المحصلة لها من حيث القلة والكثرة ، ومحققها في كل مورد إنّما هو الإتيان بالمأمور به بجميع ما له مدخلية في تحصيل الغرض المقصود في ذلك المورد ، ومن المعلوم أنّ نفس المأمور به لو فرض كونه مبيّنا ، لأنّ الكلام في المقام بعد الفراغ عن تشخيصه وما اعتبر معه وهو كون الإتيان به على وجه يحصل به الغرض أيضا مبيّن ، فيكون تمام المكلف به مبيّنا ، فيكون الشك في اعتبار شيء في تحصيل الغرض بعد الفراغ عن تشخيص المأمور به راجعا إلى الشك فيما يحقّق المكلف به ، فيجب الاحتياط بالإتيان بالمأمور به مشتملا عليه.
والواجبات التوصلية مطلقا لما علم عدم توقف حصول الغرض منها على أزيد من إيجاد فرد منها فيكتفى فيها بمجرد (١) الإتيان بها كيف ما اتفق.
وأما الواجبات التعبدية العرفية وإن علم اعتبار كون الداعي للإتيان بها هو الأمر في حصول الغرض منها ، لكن علم عدم توقف الغرض منها على أزيد من ذلك أيضا ، للقطع بأنّ غرضهم فيها إنّما يتعلق باستعلام حال العبد أو إظهار
__________________
(١) في نسخة ( ب ) : فيكفى فيها مجرّد.