والإطاعة على تقدير أخذها في المطلوب لا يحويها وغيرها إلاّ الأمر الثاني ، فيكون الأمر النفسيّ هو الأوّل (١) ومن المعلوم للمتأمّل عدم صلاحية الإطاعة ـ ولو كانت هي إطاعة أمر خاص ـ للأمر النفسيّ المولوي الّذي هو منشأ للثواب والعقاب.
أمّا أوّلا ، فلأنّها لو كانت مرتبة منها صالحة لعلية (٢) الأمر بها لكانت كافّة مراتبها كذلك ، لعدم مزية لمرتبة منها على أخرى ، فيجب أن يؤمر بها في كلّ مرتبة ، فإذا صلحت إطاعة الأمر بسائر الأجزاء والشّرائط في مورد البحث للأمر ، فلا شبهة في أنّ لذلك الأمر الثاني أيضا إطاعة أخرى مساوية لإطاعة الأوّل ، فيجب الأمر بها أيضا ، ثم ننقل الكلام إلى الأمر الثالث والرابع وهكذا فيتسلسل الأوامر ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون الإطاعة بمعنى الإتيان بالمأمور به على وجه يحصل الغرض وبين أن يكون الإتيان بداعي الأمر ، إذ لكلّ (٣) أمر إتيان لمتعلقه على وجه يحصل الغرض أو بداعي الأمر بمعنى أنّه يمكن في كل مرتبة الإتيان بالمأمور به على كل من المعينين ، فكل منهما متحقق في جميع المراتب والمتحقق منهما (٤) في مرتبة مساو للمتحقق منها في سائر المراتب.
وأمّا ثانيا ، فلأنّ لازم الأمر بالإطاعة نفسا بالأمر الشرعي المولوي تعدد الثواب ، لأنّ الإطاعة من الأمور التي لازمها الثّواب عقلا ولو لم يؤمر بها أصلا ، فإنّ سائر الواجبات المشروطة بها وإن كانت تعبدية بالنسبة إليها ويتوقف الثواب عليها على الإتيان بها على وجه الطاعة لكن نفس الإطاعة لا يعتبر فيها
__________________
(١) الظاهر أن يكون بدل كلمة ( الأول ) هو ( الثاني ).
(٢) كذا ، والظاهر ( لتعلّق ).
(٣) في النسخة ( أ ) ( أو بكلّ ) وفي نسخة ( ب ) : إذ بكلّ ، والمناسب ما أثبتناه في المتن.
(٤) في النسختين : فيهما ، والصحيح ما أثبتناه في المتن.