للمأمور به وتشخيصها من الأدلة الشرعية ـ كما هو المفروض في محل البحث ـ ، لأنّ المركّب من سائر الأجزاء والشرائط حينئذ تمام المأمور به ، والمفروض قيام الحجة عليه بإحراز الأمر به ، فيرجع الشك في اعتبار الإطاعة مطلقا أو على وجه خاص إلى الشك في إسقاطه والخروج عن عهدته بالإتيان به بدونها مطلقا أو على وجه خاص بعد قيام الحجة عليه مع تبيّنه.
فمن المعلوم أنّه بعد العلم باشتغال الذّمّة بشيء كذلك يجب تحصيل الفراغ منه على سبيل الجزم ، وهو لا يحصل إلاّ بالإتيان به على وجه يقطع بحصول الغرض المقصود من الأمر ، والقطع بكونه محصّلا له يتوقف على الإتيان به مشتملا على ما احتمل اعتباره في الغرض.
والحاصل : أنه إذا كان تمام المأمور به هو المركب من سائر الأجزاء والشرائط والمفروض تشخّص تلك الأجزاء والشرائط فيكون المورد من موارد العلم بالمأمور به مع تبين مفهومه ، فيكون الشك في اعتبار الإطاعة مطلقا أو على وجه خاص راجعا إلى الشك في طريق إسقاطه ، ومن المعلوم أنّه لا مساس لأصالة البراءة بتلك الموارد فيجب الاحتياط بإتيانه مشتملا على ما شك في اعتباره تحصيلا للعلم بالسقوط والفراغ عن عهدته اللازم بحكم العقل بعد العلم باشتغال الذّمّة بواجب كذلك.
ومن هنا ظهر أنّه إذا دار الأمر في واجب بين كونه تعبديا أو توصليا ـ بعد تشخيص سائر الأجزاء والشرائط من الأدلة الشرعية والعلم بها ـ يكون مقتضى الأصل هو البناء على تعبّديته لا (١) توصليته ـ نظرا إلى أصالة البراءة ـ لأنّ اعتبار وقوعه بداعي الأمر على تقديره لا يجعله قيدا للمأمور به بل يمتنع ـ كما عرفت ـ بل لا بد أن يكون لأجل مدخليته في الغرض المقصود منه المتوقف
__________________
(١) في النسختين بدل ( لا ) حرف ( و) والصحيح ما أثبتناه.