ولو ادّعي اختصاص وجوب تحصيله ـ في صورة الشك فيها فيما يحصّله ـ بما إذا كان المشكوك على تقدير اعتباره خارجا عن المأمور به فيندفع به التناقض المذكور ليدفعه أنّ الحاكم بلزوم تحصيل الغرض مع الشك فيما يحصله على تقديره هو العقل ومن المعلوم لمن له أدنى تأمّل أنّ مجرّد الاختلاف بين المقامين ـ بكون المشكوك في أحدهما على تقدير اعتباره معتبرا في المأمور به وفي الآخر خارجا عنه معتبرا في تحصيل الغرض ـ لا يصلح فارقا عند العقل بينهما ، ولا فرق بينهما سواه ، فلا معنى لهذا التفصيل بوجه ، فلا بدّ إمّا من القول بعدم لزوم تحصيل الغرض عند الشك فيما يحصله مطلقا ، وإمّا من القول بلزوم تحصيله كذلك ، والثاني يلزم التناقض المذكور على من قال بالبراءة في تلك المسألة والأوّل يخلّ بتمامية الوجه ـ المتقدم ـ للزوم الاحتياط في المقام كما عرفت.
والجواب عن هذه المناقشة مع توقف تمامية الوجه المتقدم على المقدمة المذكورة :
توضيحه : أنّ الكلام على تقدير كون الأغراض عناوين للأوامر يكون [ في ] المطلوب النفسيّ الّذي تعلّق به التكليف الشرعي [ و ] هي الأفعال المحصّلة لها كالصلاة والصوم والحج وغيرها فلا وجوب لتحصيل تلك الأغراض شرعا بوجه ، والعقل أيضا لا يحكم بلزوم تحصيلها ابتداء بأن يكون موضوع حكمه باللزوم هو عنوان تحصيل الغرض من حيث إنّه هذا العنوان حتّى يرد على تقدير حكمه ، بلزوم (١) التناقض المذكور ، بل إنّما يحكم بلزوم إسقاط الطلب عن الذّمّة بعد ثبوت اشتغالها به ، والمقرر عند العقلاء في جميع موارد التكليف العرفية تعبدية كانت أو توصلية بعد ثبوت اشتغال الذّمّة بشيء إنّما هو أداء ذلك الشيء على وجه يحصل منه غرض المولى ـ بمعنى أنّهم لا يعذرون (٢) العبد إذا لم يؤدّه كذلك ،
__________________
(١) كذا ، ولعل الأحسن في التعبير هو : ( على تقدير حكمه بذلك لزوم ).
(٢) كان في النسختين : لا يعتذرون ، والصحيح ما أثبتناه.