في جزئية شيء أو شرطيته للمكلّف به بعد ثبوت التكليف في الجملة بعينه فيما إذا كان المشكوك الاعتبار على تقدير اعتباره معتبرا في الغرض دون المأمور به بتقريب أنّ المناط في غير المقام إنّما هو قبح المؤاخذة على تفويت الواقع مع جهل المكلّف به إذا كان دفع الشبهة من شأن الشارع وهو بعينه موجود في المقام ، لأنه فيه جاهل بمدخلية المعرفة التفصيلية في الغرض المقصود له ، ودفع ذلك الجهل إنّما هو من شأن الشارع ، لعدم طريق لغيره إليه ، إذ لا طريق لأحد إلى معرفة ما يتوقف عليه أغراض غيره إلاّ بيان ذلك الغير ، فليس المقام مما يكون للعرف أو لعقولنا طريق إليه.
والحاصل : أنّ المناط هو قبح المؤاخذة على فوت الواقع بغير بيان مع كون البيان على تقديره منحصرا في بيان الشارع وهو موجود في المقام على نحو وجوده في سائر الموارد ، ولزوم الاحتياط فيما يكون طريقا للإسقاط إنّما هو فيما إذا لم يكن بيان المسقط على تقدير اعتباره منحصرا في الشارع.
وبالجملة العقل مستقلّ بقبح المؤاخذة من المولى على ما فات منه من مطلوبه أو أغراضه مع جهل العبد بالحال وعدم طريق له إلى الواقع إلا بيان المولى ، إذ الاحتياط ليس طريقا منجّزا للواقع والا لتنجز المشكوكات البدوية عليه ولا طريق له إليه سواه ، فيكون فوت الواقع على تقديره مستندا إلى المولى فهو قد أخلّ بمقصوده فليس له مؤاخذة العبد على فوته في تلك الحال.
هذا غاية ما يمكن أن يوجه به جريان البراءة في المقام.
لكن الإنصاف أنّه لا مساس لها بالمقام بوجه ، لأنّها مختصة بموارد الشك (١) في التكليف بأن يكون المشكوك على تقدير اعتباره معتبرا في المكلف به وموردا للتكليف الشرعي النفسيّ ، لأنّ مدركها إنّما هو قبح التكليف بلا بيان ،
__________________
(١) في النسختين ( البحث ) والصحيح ما أثبتناه.