بل المراد به إنّما هو عدم بيان المشكوك مع كون المقام مقام بيان تمام مقصوده وبيان المشكوك أيضا على تقدير اعتباره منه بل اقتصر على بيان غيره في ذلك المقام.
وبعبارة أخرى : المراد به عدم بيان آخر مع بيان ما بيّنه من وجوب العبادة وبعض ما يعتبر فيها مع كونه في مقام بيان تمام مقصوده وغرضه ، وكان بيان اعتبار معرفة الواجب على تقدير اعتبارها منه ومن شأنه ، لعدم طريق إليه عدا بيانه ، والإطلاق بهذا المعنى على تقدير تحققه في مورد بان يحرز فيه تلك المقدمات الثلاث ، أعني كون المتكلم في مقام بيان تمام غرضه فيه مع عدم بيانه لما شك في لاعتباره فيه وكون بيان ذلك المشكوك على تقديره من شأنه لا ينبغي الارتياب في ظهوره في عدم اعتبار المتكلم لذلك المشكوك في غرضه أصلا ، لأنّ اعتباره فيه مع كونه في مقام بيان تمام ما له مدخلية في غرضه نقض لغرضه وهو قصده وبيان مقصوده بجميع ما له مدخلية فيه وهو ممتنع الصدور من الحكيم على الإطلاق تعالى شأنه العزيز لكونه قبيحا أشد القبح ولا يختص قبحه بما إذا كان المشكوك مما يجب بيانه عقلا على تقدير إرادته واقعا بحيث يقبح عدم بيانه في حدّ نفسه مع قطع النّظر عن كونه في مقام البيان أيضا كما إذا كان تكليفا فإنّه قبيح عقلا بلا بيان له ، بل يعمّ غير ذلك المورد مما لا يجب بيانه في حدّ نفسه أيضا ، لأنّ القبح المذكور إنّما هو من جهة نقض الغرض وهو قصد بيان تمام مقصوده فيدور تحققه مدار تحقق موضوعه وهو نقض الغرض وتحققه لا يختص بمورد بل يتحقق في كل مورد يكون المتكلم في صدد بيان تمام مقصوده مع إخلاله ببيان بعضه.
فظهر أنّ مدرك الإطلاق المذكور ليس هو مدرك أصالة البراءة بل يعم غير مورد البراءة أيضا كما إذا كان المتكلم في صدد بيان جميع المباحات عنده وأخلّ ببيان بعضها فإن ذلك على تقديره نقض للغرض وقبيح مع أنّ بيان المباح لا يجب في نفسه عقلا ، فلا يقبح تركه في حد نفسه.