منزلته بإلغاء احتمال خلافه في جميع الآثار العقليّة الثابتة للعلم من حيث الطريقيّة.
وبعبارة أخرى جعله طريقا إلى متعلّقه كالعلم الّذي هو طريق عقليّ إلى متعلّقه ، والمعاملة معه معاملة العلم (١) الطريقيّ وترتيب آثار طريقيّته عليه من معذوريّة المكلّف معه في مخالفة التكليف الواقعيّ على تقدير اتّفاقها (٢) بسبب العمل به ، كما إذا كان مؤدّاه نفي التكليف مع ثبوته في مورده واقعا ، فلم يأت المكلّف بذلك المحتمل التكليف استنادا إليه ، ومن المعلوم معذوريّته وصحّته مؤاخذته وعقابه عليها إذا كان مؤدّاه ثبوت التكليف ، وكان الواقع ثبوته ـ أيضا ـ ولم يأت المكلّف بذلك الّذي قام هو على التكليف به ، فيكون هو على تقدير اعتباره حجّة قاطعة للعذر فيها بين الشارع والعباد على الوجه المذكور كالعلم ، ويكون الفرق بينهما بمجرّد كون حجّيّة العلم بهذا المعنى بحكم العقل ، وكون حجيته بحكم الشارع وجعله ، فيكون كالعلم قاطعا لقاعدتي الاشتغال والبراءة العقليّتين (٣) إذا قام على خلافهما ، فإنّ العقل إنّما يحكم في الأولى بلزوم الاحتياط تحصيلا للأمن من عقاب مخالفة الواقع بعد ثبوت التكليف به ، وفي الثانية بجواز تركه ، نظرا إلى قبح العقاب بلا بيان الّذي هو الواقع (٤) لاحتمال العقاب ، وكلّ واحد من حكميه ذينك تعليقيّ بالنسبة إلى جعل الشارع للظنّ المسبب (٥) المشكوك في الموردين طريقا وحجّة في إثباته إذ معه يرتفع موضوعا القاعدتين ، لأنه بعد اعتباره يكون حجّة في إثبات التكليف بمحتمله في الثانية ، وبيانا له فلا
__________________
(١) في « ب » : القطع.
(٢) أي على تقدير مصادقها للمخالفة الواقعية.
(٣) في النسختين ( العقليين ).
(٤) في النسختين ( الواقع ).
(٥) ربما الصحيح : الظن بالمسبّب ، والأصح : الظن بالتكليف.