سنين ، ثم احتضر للموت فدعا ابنه أبا طالب فقال له : يا بني تكفل ابن أخيك مني فأنت شيخ قومك وعاقلهم ، ومن أجد فيه الحجى دونهم ، وهذا الغلام ما تحدثت به الكهان ، وقد روينا في الاخبار أنه سيظهر من تمامة نبي كريم ، وروي فيه علامات قد وجدتها فيه ، فأكرم مثواه واحفظه من اليهود فإنهم أعداؤه ، فلم يزل أبوطالب لقول عبدالمطلب حافظا ولوصيته راعيا ، وقال رحمهالله أيضا :
ألم ترني من بعدهم هممته |
|
بغرة خير الوالدين كرام (١) |
بأحمد لما أن شددت مطيتي (٢) |
|
لرحل وقد ودعته بسلام |
بكى حزنا والعيس قد فصلت لنا |
|
وجاذب بالكفين فضل زمام (٣) |
ذكرت أباه ثم رقرقت عبرة (٤) |
|
تفيض على الخدين ذات سجام |
فقلت له : رح راشدا في عمومة |
|
مواسين في البأساء غير لئاه. |
فلما هبطنا أرض بصرى تشرفوا |
|
لنافوق دور ينظرون جسام |
فجاء بحيرا عند ذلك حاسرا |
|
لنا بشراب طيب وطعام |
فقال : اجمعوا أصحابكم لطعامنا |
|
فقلنا : جمعنا القوم غير غلام |
يتيم فقال ادعوه إن طعامنا |
|
كثير عليه اليوم غير حرام |
فلما رأوه مقبلا نحو داره |
|
يوقيه حر الشمس ظل غمام |
وأقبل ركب يطلبون الذي رأى |
|
بحيرا من الاعلام وسط خيام |
فثار إليهم خشية لعرامهم |
|
وكانوا ذوي دهي معا وغرام |
دريسا وتماما وقد كان فيهم |
|
زبير وكل القوم غى نيام (٥) |
فجاؤوا وقد هموا بقتل محمد |
|
فردهم عنه بحسن خصام |
____________________
(١) في المصدر : بفرقة خير الوالدين كرام.
(٢) المطية : الدابة التى تركب.
(٣) في المصدر :
بكى حزنا والعيس قد قلصت بنا |
|
وناوش بالكفين فضل زمام |
(٤) رقرق العين : اجرى دمعها.
(٥) الدريس : الكامل في الدراسة ، والتمام : فعال من التمام اى الكمال والزبير : الشديد من الرجال والظريف الكيس ( ب ).