إلى بصرى الشام (١) ترك رسول الله إشفاقا عليه ولم يعمد على استصحابه ، فماركب تعلق رسول الله صلىاللهعليهوآله بزمام ناقته وبكى وناشده في إخراجه ، فظلمته الغمام (٢) ولقيه بحيرا الراهب ، فأخبره بنبوته وذكر له البشارة في الكتب الاولى به ، وحمل له ولاصحابه الطعام والنزل (٣) وحث أبا طالب على الرجوع به إلى أهله وقال له : إني أخاف عليه من اليهود فإنهم أعداؤه ، فقال أبوطالب في ذلك :
إن ابن آمنة النبي محمدا |
|
عندي بمثل منازل الاولاد (٤) |
لما تعلق بالزمام رحمته |
|
والعيس قد قلصن بالازواد |
فارفض من عيني دمع ذارف |
|
مثل الجمان مفرق الافراد (٥) |
راعيت فيه قرابة موصولة |
|
وحفظت فيه وصية الاجداد |
وأمرته بالسير بين عمومة |
|
بيض الوجوه مصالت أنجاد |
ساروا لابعد طية معلومة |
|
ولقد تباعد طية المرتاد |
حتى إذاما القوم بصرى عاينوا |
|
لاقوا على شرك من المرصاد (٦) |
حبرا فأخبرهم حديثا صادقا |
|
عنه ورد معاشر الحساد |
فأما قوله : « وحفظت فيه وصية الاجداد » فإن أبي معد بن فخار بن أحمد العلوي الموسوي قال : أخبرني النقيب محمد بن علي بن حمزة العلوي بإسناد له إلى الواقدي قال : لما توفي عبدالله بن عبدالمطلب أبوالنبي صلىاللهعليهوآله وهو طفل يرضع وروي أن عبدالله توفي والنبي صلىاللهعليهوآله حمل وهذه الرواية أثبت فلما وضعته امه كفله جده عبدالمطلب ثماني
____________________
(١) بصرى بالضم والقصر قرية بالشام ، وهى التى وصل اليها النبي صلىاللهعليهوآله للتجارة ، وهى المشهورة عند العرب ( مراصد الاطلاع ١ : ٢٠ ).
(٢) في المصدر : وناشده في اخراجه معه ، فرق أبوطالب وأجابه إلى استصحابه ، فلما خرج معه صلىاللهعليهوآله ظللته الغمامة اه.
(٣) النزل : ريع ما يزرع ونماؤه. العطاء والفضل. وفى المصدر : الطعام إلى المنزل.
(٤) في المصدر : عند بمنزلة من الاولاد.
(٥) ذرف الدمع : سال. والجمان : اللؤلؤ. ويأتى معنى سائر اللغات في البيان.
(٦) يأتى معناه في البيان. وفى المصدر : على شرف من المرصاد.