الثالث : أن الآية نازلة فيه عليهالسلام وقد عرفت بما أوردنا من الاخبار تواترها من طريق المخالف والمؤالف ، مع أن ما تركناه مخافة الاطناب وحجم الكتاب أكثر ما أوردناه ، وعليه اجماع المفسرين وقدرواها الزمخشري والبيضاوي والرازي في تفاسيرهم (١) مع شدة تعصبهم وكثرة إهتمامهم في إخفاء فضائله عليهالسلام ، إذ كان هذا في الاشتهار كالشمس في رائعة النهار (٢) ، فإخفاء ذلك مما يكشف الاستار عن الذي انطوت عليه ضمائرهم الخبيثة من بغض الحيدر الكرار.
وقد روى الرازي ، عن ابن عباس برواية عكرمة وعن أبي ذر نحوا ممامر من روايتهما ، وقد عرفت ما نقل في ذلك أكابر المفسرين والمحدثين من قدماء المخالفين الذين عليهم مدار تفاسيرهم ،
وأما إطلاق الجمع على الواحد تعظيما فهو شائع ذائع في اللغة والعرف ، وقد ذكر المفسرون هذا الوجه في كثير من الآيات الكريمة كما قال تعالى « والسماء بنيناها بأيد (٣) » و « إنا أرسلنا نوحا (٤) » و « وإنا نحن نزلنا لاذكر (٥) » وقوله : « الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم (٦) » مع أن القائل كان واحدا ، وأمثالها كثيرة ، ومن خطاب الملوك والرؤساء : فعلنا كذا ، وأمرنا بكذا ، ومن الخطاب الشائع في عرف العرب والعجم إذا خاطبوا واحدا : فعلتم كذا ، وقلتم كذا ، تعظيما له.
وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف صح أن يكون لعلي واللفظ لفظ جماعة؟ قلت : جئ به على لفظ الجمع ـ وإن كان السبب فيه رجلا واحدا ـ ليرغب الناس في مثل فعله ، فينالوا مثل ثوابه ، ولينبه على أن سجية المؤمنين تجب أن يكون على هذه
____________________
(١) راجع الكشاف ١ : ٤٢٢. وانوار التنزيل ١ : ٣٣. ومفاتيح الغيب ٣ : ٤٣١.
(٢) الربع من الضحى : بياضه وحسن بريقه.
(٣) الذاريات : ٤٧.
(٤) نوح : ١.
(٥) الحجر : ٩.
(٦) آل عمران : ١٧٣ :