ولو سلم عدم التغيير في الترتيب فنقول : سيأتي أخبار مستفيضة بأنه سقط من القرآن آيات كثيره (١) ، فلعله سقط مما قبل الآية وما بعدها آيات لو ثبتت لم يفت الربط الظاهري بينها ، وقد وقع في سورة الاحزاب بعينها ما يشبه هذا ، فإن الل سبحانه بعد ما خاطب الزوجات بآيات مصدرة بقوله تعالى : « يا نساء النبي إن كنتن تردن الحياة الدنيا » الآية عدل إلى مخاطبة المؤمنين بمالا تعلق له بالزوجات بآيات كثيرة ثم عاد إلى الامر بمخاطبتهن وعيرهن (٢) بقوله سبحانه : « يا أيها النبي قل لازوا جك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن » وقد عرفت اعتراف الخصم فيما رووا أن كان قد سقط منها آية فالحقت ، فلا يستبعد أن يكون الساقط أكثر من آية ولم يلحق غيرها.
وروى الصدوق في كتاب ثواب الاعمال بإسناده عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سورة الاحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم ، يا ابن سنان إن سورة الاحزاب فضحت نساء قريش من العرب ، وكانت أطول من سورة البقرة ولكن نقصوها وحرفوها (٣).
ولو سلم عدم السقوط أيضا كما ذهب إليه جماعة قلنا : لا يرتاب من راجع التفاسير أن مثل ذلك كثير في الآيات غير عزيز ، إذ قد صرحوا في مواضع عديدة في سورة مكية أن آية أو آيتين أو أكثر من بينها مدنية وبالعكس ، وإذا لم يكن ترتيب الآيات على وفق نزولها لم يتم لهم الاستدلال بنظم القرآن على نزولها في شأن الزوجات ، مع أن النظم والسياق لوكانا حجتين فإنما يكونان حجتين لو بقي الكلام على اسلوبه السابق ، و التغيير فيها لفظا ومعنى ظاهر ، أما لفظا فتذكير الضمير ، وأما معنى فلان مخاطبة الزوجات مشوبة بالمعاتبة والتأنيب (٤) والتهديد ، ومخاطبة أهل البيت عليهمالسلام محلاة بأنواع التلطف والمبالغة في الاكرام؟ ولا يخفى بعد إمعان النظر المباينة التامه في السياق بينها وبين ما قبلها وما بعدها على ذوي الافهام.
الثاني أن الآية لا تدل على أن الرجس قد ذهب ، بل إنما دل على أنه الله
____________________
(١) هذه الروايات مطروحة أو مؤولة كما سيأتي الكلام فيه.
(٢) في النسخ التى بايدينا : وغيرهن وهو تصحيف ( ب ).
(٣) ثواب الاعمال : ١٠٦.
(٤) أنبه : عنفه ولامه.