فقال له المأمون : أليس قد ذكر الله الابناء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله ابنيه خاصة؟ وذكر النساء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله ابنته وحدها؟ فألا جاز (١) أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره ، فلا يكون لامير المؤمنين عليهالسلام ما ذكرت من الفضل ، قال : فقال له الرضا عليهالسلام : ليس يصح (٢) ما ذكرت ـ يا أميرالمؤمنين ـ وذلك أن الداعي إنما يكون داعيا لغيره كما أن الآمر آمر لغيره (٣) ولا يصح أن يكون داعيا لنفسه في الحقيقة كما لايكون آمرا لها في الحقيقة ، وإذا لم يدع رسول الله صلىاللهعليهوآله في المباهلة رجلا إلا أميرالمؤمنين عليهالسلام فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله سبحانه في كتابه ، وجعل حكمه ذلك في تنزيله ، قال : فقال المأمون : إذا ورد الجواب سقط السؤال (٤).
وقال الزمخشري في كتاب الكشاف : روي أنه لما دعاهم إلى المباهلة قالوا : حتى نرجع وننظر فنأتيك غدا ، فلما تخالوا (٥) قالوا للعاقب ـ وكان ذارأيهم ـ : يا عبدالمسيح ماترى؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ، ولقد جاء كم بالفصل من أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكن ، فإن أبيتم إلا إلف (٦) دينكم والاقامة على ما أنتم عليه فواد عوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم ، فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد غدا محتضنا (٧) الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها ، وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمنوا ، فقال اسقف (٨)
____________________
(١) في المصدر : فلم لاجاز. اه
(٢) في المصدر : ليس بصحيح.
(٣) في المصدر : كما يكون الامر آمرا لغيره.
(٤) الفصول المختارة ١ : ١٦ و ١٧.
(٥) في ( ك ) و ( د ) : فلما تخالفوا.
(٦) الالف ـ بكسر الهمزة ـ : الصداقة والموانسة.
(٧) احتضن الصبى : جعله في حضنه وضمه إلى صدره.
(٨) الاسقف ـ بضم الهمزة وتشديد الفاء وتخفيفه ـ : فوق القسيس ودون المطران.