وأحب الناس إليه لذلك ، ولم يقتصر على تعريض نفسه له ، وعلى ثقته أيضا بكذب خصمه حتى يهلك (١) مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمعت المباهلة ، وخص الابناء والنساء لانهم أعز الاهل وألصقهم بالقلوب ، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل ، ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعاين (٢) في الحروب لتمنعهم من الهرب ويسمون الذادة عنها حماة الحقائق (٣) ، وقد مهم في الذكر على الانفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، وليؤذن (٤) بأنهم مقدمون على الانفس مفدون بها ، وفيه دليل لاشئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهمالسلام ، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي صلىاللهعليهوآله لانه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك ، انتهى كلام الزمخشري (٥).
وقال السيد بن طاوس في الطرائف : ذكر النقاش في تفسيره شفاء الصدور ما هذا لفظه : قوله عزوجل : « قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم » قال أبوبكر : جاءت الاخبار بأن رسول الله (ص) أخذ بيد الحسن وحمل الحسين عليهماالسلام على صدره ـ ويقال : بيده الاخرى وعلي (ع) معه وفاطمة عليهاالسلام من ورائهم ، فحصلت هذه الفضيلة للحسن والحسين عليهماالسلام من بين جميع أبناء أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبناء امته ، وحصلت هذه الفضيلة لفاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله من بين بنات النبي وبنات أهل بيته وبنات امته ، وحصلت هذه الفضيلة لاميرالمؤمنين علي عليهالسلام من بين أقارب رسول الله ومن أهل بيته وامته بأن جعله رسول الله صلىاللهعليهوآله كنفسه ، يقول : « وأنفسنا وأنفسكم ».
جرير عن الاعمش قال : كانت المباهلة ليلة إحدى وعشرين من ذي الحجة ، وكان
____________________
(١) في المصدر : حتى يهلك خصمه اه.
(٢) جمع الظعينة : الزوجة او المرأة مادامت في الهودج أو عموما.
(٣) الذادة جمع ذائد : المدافع. والحماة جمع الحامى وفى المصدر : ويسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق. وكأن المراد ان المراة تذود وتحمى بروحها حيث تحرض الرجل على الحرب وتقوى عزمه على القتال.
(٤) آذنه : أعلمه.
(٥) الكشاف ١ : ٣٠٧ و ٣٠٨.