الطبري وابن إسحاق وابن مردويه أنه قال عمار : خرجنا مع النبي في غزوة العشيرة (١) فلما نزلنا منزلا نمنا ، فما نبهنا إلا كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام يا أبا تراب لما رآه ساجدا معفرا (٢) وجهه في التراب أتعلم من أشقى الناس؟ أشقى الناس اثنان : احيمر ثمود الذي عقر الناقة ، وأشقاها الذي يخضب هذه ووضع يده على لحيته.
وقال الحسن بن علي عليهماالسلام وسئل عن ذلك فقال : إن الله يباهي بمن يصنع كصنيعك الملائكة ، والبقاع تشهد له ، قال : فكان عليهالسلام يعفر خديه ويطلب الغريب من البقاع لتشهد له يوم القيامة ، فكان إذا رآه والتراب في وجهه يقول : يا أبا تراب افعل كذا ويخاطبه بما يريد.
وحدثني أبوالعلاء الهمداني بالاسناد عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في حديث أن عليا عليهالسلام خرج مغضبا فتوسد ذراعه (٣) فطلبه النبي صلىاللهعليهوآله حتى وجده فوكزه برجله فقال : قم فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب ، أغضبت علي حين آخيت بين المهاجرين والانصار ولم اواخ بينك وبين أحد منهم؟ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ الخبر.
وجاء في رواية : أنه كني عليهالسلام بأبي تراب لان النبي صلىاللهعليهوآله قال : يا علي أول من ينفض (٤) التراب من رأسه أنت ، وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه كان يقول : إنا كنا نمدح عليا إذا قلنا له « أبا تراب ».
وسموه أصلع قريش من كثرة لبس الخوذ على الرأس. وقال أميرالمؤمنين عليهالسلام : أنا سيف الله على أعدائه ورحمته على أوليائه.
ابن البيع في اصول الحديث والخر كوشي في شرف النبي ، وشيرويه في الفردوس واللفظ له بأسانيدهم أنه كان الحسن والحسين في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله يدعوانه
____________________
(١) غزوة العشيرة ويقال : العشير وذى العشيرة وهو موضع من بطن ينبع وسيأتى في ص ٦٤ ( ب ).
(٢) عفر وجهه في التراب : مرغه ودسه فيه.
(٣) توسد ذراعه : نام عليه وجعله كالوسادة له.
(٤) نفض الثوب : حركه ليزول عنه الغبار.