حقا لهم مغفرة ورزق كريم والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فاولئك منكم واولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله (١) » ذكر المؤمنين ثم المهاجرين ثم المجاهدين ، وفضل عليهم كلهم فقال : « واولو الارحام بعضهم أولى ببعض » فعلي عليهالسلام سبقهم بالايمان ثم بالهجرة إلى الشعب ثم بالجهاد ، ثم سبقهم بعد هذه الثلاثة الرتب بكونه من ذوي الارحام.
فأما أبوبكر فقد هاجر إلى المدينة إلا أن لعلي مزايا فيها عليه ، وذلك أن النبي صلىاللهعليهوآله أخرجه مع نفسه أو خرج هو لعلة وترك عليا للمبيت باذلا مهجته ، فيذل النفس أعظم من الاتقاء على النفس في الهرب إلى الغار ، وقد روى أبوالمفضل الشيباني (٢) بإسناده عن مجاهد قال : فخرت عائشة بأبيها ومكانه مع رسول الله في الغار ، فقال عبدالله بن شداد بن الهاد : فأين أنت مع علي بن أبي طالب حيث نام في مكانه وهو يرى أنه يقتل فسكتت ولم تحر جوابا ، وشتان بين قوله : « ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله (٣) » وبين قوله : « لا تحزن إن الله معنا (٤) » وكان النبي صلىاللهعليهوآله معه يقوي قلبه ولم يكن مع علي ، وهو لم يصبه وجع وعلي يرمى بالحجارة ، وهو مختف في الغار وعلي ظاهر للكفار ، واستخلفه الرسول لرد الودائع لانه كان أمينا ، فلما أداها قام على الكعبة فنادى بصوت رفيع يا أيها الناس هل من صاحب أمانة؟ هل من صاحب وصية هل من صاحب عدة له قبل رسول الله فلما لم يأت أحد لحق بالنبي صلىاللهعليهوآله وكان ذلك (٥) دلالة على خلافته وأمانته وشجاعته.
وحمل نساء الرسول خلفه بعد ثلاثة أيام ، وفيهن عائشة ، فله المنة على أبي بكر بحفظ ولده ، ولعلي عليهالسلام المنة عليه في هجرته ، وعلي ذو الهجرتين والشجاع البائت بين
____________________
(١) سورة الانفال : ٧٤ و ٧٥.
(٢) هو محمد بن عبدالله بن محمد بن عبيدالله بن البهلول بن المطلب ، وترجمته مذكور في كتب التراجم.
(٣) سورة البقرة : ٢٠٧.
(٤) سورة التوبة : ٤٠.
(٥) في المصدر : وكان في ذلك.