حظروا (١) أن يسمى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلا رفعة وسموا ، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم تضع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح (٢) وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة أخرى ، وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة (٣) ، فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبوعذرها وسابق مضمارها ومجلي حلبتها (٤) ، كل من برع فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى وعلى مثاله احتذي.
وقد عرفت أن أشرف العلوم هو العلم الالهي ، لان شرف العلم بشرف المعلوم ومعلومه أشرف الموجودات ، فكان هو أشرف العلوم ، ومن كلامه عليهالسلام اقتبس وعنه نقل ، وإليه انتهى ومنه ابتدئ ، فإن المعتزلة الذين هم أهل التوحيد والعدل وأرباب النظر ومنهم تعلم الناس هذا الفن تلامذته وأصحابه ، لان كبيرهم واصل ابن عطاء تلميذ أبي هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية ، وأبوهاشم تلميذ أبيه ، وأبوه تلميذه عليهالسلام ، وأما الاشعرية فإنهم ينتمون إلى أبي الحسن علي بن أبي بشير (٥) الاشعري ، وهو تلميذ أبي علي الجبائي ، وأبوعلي أحد مشائخ المعتزلة فالاشعرية ينتهون بالاخرة إلى أستاد المعتزلة ومعلمهم ، وهو علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وأما الامامية والزيدية فانتماؤهم (٦) إليه ظاهر.
ومن العلوم علم الفقه وهو أصله وأساسه ، وكل فقيه في الاسلام فهو عيال
____________________
(١) أى منعوا.
(٢) الراح : باطن اليد.
(٣) في المصدر بعد ذلك : وتتجاذبه كل طائفة.
(٤) يقال « ابوعذرها وابوعذرتها » للرجل الذى يفتض البكر ، وهذه كناية من أنه عليهالسلام لم يسبقه أحد في الفضايل والكمالات. والمضمار : غاية الفرس في السباق و.
الحلبة : الدفعة من الخيل في الرهان خاصة ، يقال « هو يركض في كل حلبة من حلبات المجد » الحلبة ايضا : الخيل تجمع للسباق وقوله « برع » أى فاق علما وفضيلة.
(٥) في المصدر : ابى بشر.
(٦) في ( ك ) : فانتهاؤهم.