يتضمنه من الخضوع لهيبته والخشوع لعزته والاستخذاء (١) له عرفت ما ينطوي عليه من الاخلاص ، وفهمت من أي قلب خرجت وعلى أي لسان جرت ، وقيل لعلي بن الحسين عليهماالسلام وكان الغاية في العبادة : أين عبادتك من عبادة جدك؟ قال : عبادتي عند عبادة جدي كعبادة جدي عند عبادة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وأما قراءة القرآن والاشتغال به (٢) فهو المنظور إليه في هذا الباب ، اتفق الكل على أنه كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يكن غيره يحفظه ، ثم هو أول من جمعه ، نقلوا كلهم أنه تأخر عن بيعة أبي بكر ، فأهل الحديث لا يقولون ما تقوله الشيعة من أنه تأخر مخالفة للبيعة بل يقولون : تشاغل بجمع القرآن ، فهذا يدل على أنه أول من جمع القرآن ، لانه لو كان مجموعا في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله لما احتاج إلى أن يتشاغل بجمعه بعد وفاته ، وإذا رجعت إلى كتب القراءة (٣) وجدت أئمة القراءة كلهم يرجعون إليه ، كأبي عمرو بن أبي العلاء (٤) وعاصم بن أبي النجود وغيرهما لانهم يرجعون إلى عبد الرحمن (٥) السلمي الفارسي (٦) ، وأبوعبدالرحمن كان تلميذه وعنه أخذ القرآن فقد صار هذا الفن من الفنون التي تنتهي إليه أيضا مثل كثير مما سبق.
وأما الرأي والتدبير فكان من أشد الناس (٧) رأيا وأصحهم تدبيرا ، وهو الذي أشار إلى عمر لما عزم على أن يتوجه بنفسه إلى حرب الروم والفرس بما أشار ، وهو الذي أشار على عثمان بأمور كان صلاحه فيها ، ولو قبلها لم يحدث عليه ما
____________________
(١) استخذى : اتضع وانقاد.
(٢) في المصدر : واشتغاله به.
(٣) في المصدر : القراآت.
(٤) الصحيح كما في المصدر : كأبى عمرو بن العلاء. راجع الكنى والالقاب ١ : ١٢٤ وسائر التراجم.
(٥) الصحيح كما في المصدر : أبى عبدالرحمن. راجع الكنى والالقاب : ١٣١ وسائر التراجم.
(٦) في المصدر : القارى.
(٧) في المصدر : من أسد الناس.