وراجع ما أفاده في العروة أيضا في مسألة ٦٦ : إذا حج مع استلزامه لترك واجب أو ارتكاب محرم لم يجزه عن حجة الاسلام وان اجتمع سائر الشرائط ، لا لأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ـ إلى قوله : ـ بل لأن الأمر مشروط بعدم المانع ، ووجوب ذلك الواجب مانع الخ (١).
وهذا هو الحق الذي لا محيص عنه ، لما سيأتي (٢) في شرح الاستطاعة من شمولها لما إذا لم يكن في البين تكليف شرعي مزاحم للحج ، سواء كان توجهه سابقا على الاستطاعة أو كان متأخرا عنها. نعم في خصوص الواجب أو الحرام الذي يضطر إلى مخالفته في الطريق مثل أكل النجس كلام سيأتي إن شاء الله تعالى (٣) ، وقد تعرض له في العروة وحاشيتها في مسألة ٦٩ (٤).
والحاصل : أن أضعف التكاليف ملاكا مما هو مشروط بالقدرة العقلية يكون مقدّما على ما هو أقواها ملاكا مما هو مشروط بالقدرة الشرعية ويكون الأوّل رافعا لموضوع الثاني ، وبذلك يكون مسقطا له خطابا وملاكا وإن كان زمان توجهه متاخرا عن زمان توجه الثاني ، والسر في ذلك أن الشارع بعد أن أخذ القدرة شرطا في توجه الثاني على وجه كانت معتبرة فيه خطابا وملاكا ، وحينئذ لو توجه إلى المكلف تكليف من النحو الأوّل يكون ذلك المكلف في عالم التشريع غير قادر على امتثال الثاني ، فهو بنظر الشارع مسلوب القدرة على الثاني ، ومع كونه بنظره مسلوب القدرة على
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء ) ٤ : ٤٢٧ ـ ٤٢٩.
(٢) في صفحة : ٢١٤ ـ ٢١٦.
(٣) في صفحة : ٢١٩ وما بعدها.
(٤) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء ) ٤ : ٤٣٢.