ثم لا يخفى أنه قد تقدم في الواجب التخييري (١) أنه ربما كان ناشئا عن كون كل من الفعلين له ملاك يخصه ، فيكون ناشئا عن ملاكين لا يمكن الجمع بينهما لعدم القدرة على الجمع بينهما ، فيكون الاتيان بكل منهما موجبا لسقوط الآخر ، ويكون محصله هو كون وجوب كل منهما مشروطا بعدم الآخر ، ويكون وجود الآخر موجبا لسقوط طرفه ، ويكون الحال فيه بعينه هو الحال على مسلك شيخنا قدسسره ، غير أن القائل به يدعي أن ذلك بحكم الشارع ، وشيخنا قدسسره يدعي أنه بحكم العقل.
وبناء على ذلك يتحد المسلكان في الثمرة ، لأن الاختلاف في الثمرة المذكورة إنما يتم لو كان التخيير الشرعي المدعى ناشئا عن وحدة الملاك لا ما إذا كان ناشئا عن ملاكين لا يمكن الجمع بينهما ولو من جهة عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما ، فلا تترتب الثمرة على المسلكين حتى مسألة تعدد العقاب لو تركهما معا ، فضلا عن كون المرجع في مقام الشك هو أصالة الاشتغال دون البراءة.
وهكذا الحال في الثمرة الثالثة ، لأن القيام الثاني لو كان هو الأهم كان اللازم هو حفظ القدرة له على كلا المسلكين ، وإذا لم تكن أهمية في البين كان المتعين هو الاتيان بالقيام الأوّل على كلا المسلكين ، لما عرفت من أن محصل الوجوب التخييري في المقام هو كون التكليف بكل منهما مشروطا بعدم الآخر ، فيلزمه الاتيان بالقيام الأوّل وإسقاط القيام الثاني على كلا المسلكين ، وهكذا الحال فيما لو كانت مقدمة الواجب محرمة ، فلاحظ
__________________
(١) راجع المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة : ٢٤٩ ، وراجع أيضا الحاشية المذكورة في الصفحة : ٢٦١ من المجلّد الثاني.