لا يدفعه كون الفعل واقعا بتحريك التكليف لكونه بمنزلة علته ، فانّا بعد أن قلنا بأنّ التكليف لا يعقل أن يتناول الفعل المقارن له بحسب الزمان كيف يمكننا أن نقول إنّ ذلك الفعل الواقع في زمان توجه التكليف كان واقعا بداعي ذلك التكليف ، هذا.
ولكن لا يخفى أنّ هذا الإشكال إنما يتم لو قلنا بأنّ التكليف زماني يحتاج إلى مقدار من الزمان ، فانّه بناء على ذلك لا يمكننا القول بكون الفعل الواقع في ذلك الزمان داخلا تحت ذلك التكليف إلاّ بزحلقة ذلك التكليف إلى ما قبل الفجر آناً ما. وهذه الدعوى ـ أعني كون التكليف الذي هو البعث والخطاب يحتاج إلى مقدار من الزمان ـ هي إحدى موارد الخلط بين القضايا الحقيقية والقضية الخارجية ، فيتخيل المتخيل أنّه عند طلوع الفجر يتوجه الطلب والأمر بالصوم ، بمعنى أن يكون الزمان المذكور شرطا في الجعل ، وقبله لا جعل أصلا ولا تشريع ، وإنما يكون الجعل والتشريع عند طلوع الفجر ، ولا ريب أنّ الجعل والتشريع فعل من أفعال الشارع الآمر ، وهو محتاج إلى زمان يقع فيه ذلك الجعل والتشريع.
وإن شئت فقل : إنّ الطلب فعل من أفعال الطالب ، يحتاج إلى زمان يقع فيه ، فلو كان وقوع الطلب في أوّل الفجر لكان محتاجا إلى آن ما يقع فيه ذلك الطلب ، وقهرا يكون نفس المطلوب الذي هو فعل الصوم متاخرا في الزمان عن زمان الطلب ولو في ثاني زمان الطلب ، فلا بدّ حينئذ من مضي آن ما بعد الفجر ليكون ذلك الآن آن الطلب ، ويكون المطلوب واقعا في الآن الثاني ، وحيث إنّ ذلك مخالف لما قامت عليه الضرورة نصا وفتوى من أنّ مبدأ الصوم من أوّل الفجر ، كنّا مجبورين على زحلقة الطلب إلى ما