زمانيا يحتاج إلى مضي زمان يسعه كما ربما يظهر منه ذلك في مبحث الواجب المعلّق ، بأنّ جميع الواجبات وإن كانت حالية لا تكون متعلّقة إلاّ بما هو متأخر عنها ، لكن هذا لو سلّمنا كونه بانيا عليه ، إلاّ أنّ كلامه هنا ليس مبنيا على ذلك الأساس ، بل هو ناظر إلى النقل عن القائلين بالترتب ، وأنّهم يصلحونه بأخذ العصيان شرطا أو أخذ العزم عليه شرطا ، وأنّه لو أخذوا العصيان بنفسه شرطا فهو لا يتم إلاّ على أخذه شرطا متأخرا ، بخلاف ما لو أخذوا الشرط هو العزم على العصيان ، فانّه لا يتوقّف على كونه على نحو الشرط المتأخر ، بل يصحّ أخذه شرطا متقدما وشرطا مقارنا.
قوله : فان قلت ... إلخ (١).
هذا الإشكال راجع إلى الجهة الثانية ممّا تقدم (٢) ذكره ، وهي الالتزام بأنّ التكليف سابق في الزمان على الامتثال ، وتقريب ذلك هو أن يقال : سلّمنا أنّ عصيان الأهم مقارن في الزمان لما هو مشروط به ـ أعني الأمر بالمهم ـ على ما تقدم تفصيله ، لكن هناك إشكال آخر وهو أن الأمر بالأهم لا بدّ أن يكون سابقا في الزمان على امتثاله ، ولا ريب أنّ نفس الامتثال قرين العصيان ، فكما يكون الأمر بالأهم سابقا في الزمان على امتثاله يكون سابقا أيضا على عصيانه ، بحيث يكون زمان عصيان الأهم متأخرا زمانا عن الأمر به ، ومن الواضح أنّ الأمر بالأهم يكون ساقطا في زمان عصيانه ، فالأمر بالمهم الذي قد انوجد في زمان عصيان الأهم يكون منوجدا في زمان سقوط الأمر بالأهم ، وحينئذ لم يجتمع الأمران في زمان واحد.
وقد أجاب قدسسره عن ذلك بما تقدم من المنع من لزوم تقدم التكليف
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٦٥.
(٢) في صفحة : ٣٣٥.